اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 73
خبط عشواء[224]
فإنه مع ريون الذنوب و السيئات و الركون إلى هواء النفس و التعلقات فلما يحصل نفسه
حد اليقين.
اللهم إلا أن يكون في غاية الذكاء و الفطنة بحيث
يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار[225] فإنه يقوده الاستعداد يحصل له
العلم اليقيني و لكنه نادر و ذلك النادر أيضا لا يحصل له اليقين فيما وراء طور
العقل كأحوال الآخرة و مشاهدة أنوار الجبروت و غيرها مما ليس للعقل فيه دخل إلا
بالمبالغة و التصفية و رفع و رفض الغشاوات.
فالعلم اليقيني بكماله لا يحصل إلا بالمتابعة
للأنبياء و الأولياء و سلوك طريقهم المستوي و صراطهم المستقيم.
و أكثر من أخذت الفطانة بيديه و أدرك المعقولات
بفكره و رأيه من وراء حجاب فهمه و عقله لغاية الذكاء و شدة الفطنة من الحكماء
أصحاب البحوث[226]
من غير طريق الخلع و التجريد و الوحدة عن الخلق و التفريد زعم أنه أدرك الحقائق
على ما هي عليه.
و لما تنبه آخر الأمر و ينتهي العمر أنه لا حاصل
له سوى علمه بأنه ما علم حقيقة شيء اعترف بالعجز و القصور و النقص و الفتور و
الأنظار الفكرية إنما شأنها مجرد الإعداد الغير البالغ إلى أفق الوادي المقدس و هو
الأفق فلا ينكشف المطلوب على صاحبه عيانا بمجرد النظر الفكري المبين فكأنها قرعت
باب الغيب ليفيض منه المطلوب على قلب الطالب و كذلك الإخبار الإلهي بواسطة الملك
ألا ترى إلى قوله[227] وَ لَقَدْ رَآهُ
بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ[228] وَ ما هُوَ
عَلَى الْغَيْبِ
[224]
خبط عشواء: فلان خابط خبط عشواء، و اصله من الناقة العشواء لانها لا تبصر امامها
فهى تخبط بيديها، لسان العرب.