.
فالسالك في الحقيقة هو الذي يقطع الحجب الظلمانية و هي البرازخ الجسمانية و
النورية و هي الجواهر الروحانية بكثرة الرياضات الشرعية و المجاهدات الملية
الموجبة لظهور المناسبات التي بينه و بين ما يصل إليه في كل خلع و لبس و موت و
حياة من النفوس و العقول المجردة إلى أن يصل إلى المبدإ الأول و علة العلل.
فإذا لم يكن للسالك جذبة بل يكون سره بمجرد
العلم و الرياضة فلما يصل من هذا الطريق إلى المقصد لبعد مرامه و طول طريقه و كثرة
عقباته و آفاته و إن لحقته عناية ربانية خاصة لأجل طريق خاص له و وجه خاص يكون لكل
قلب إلى ربه فقطع الحجب بالجذبات الإلهية من غير أن يعرف المنازل و المقامات.
و هذا الطريق الذي يخص بكل أحد و يسمى طريق السر[222]
و هو الذي منه أخبر العارف الرباني بقوله حدثني قلبي عن ربي.
و قال سيد البشر صلى الله عليه و آله: لي مع الله
وقت لا يسعني فيه ملك مقرب و لا نبي مرسل لكونه من الوجه الخاص الذي لا واسطة بينه
و بين ربه فإذا رجع هذا السالك الذي يسلك الطريق بالجذبات الإلهية الحق إلى الخلق
لتنوره بالنور الإلهي و تحققه بالوجود الحقاني.