اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 70
الرئاسات و إن
كان عقليا فعقليا كالإحاطة بالمعقولات و الترفع عن المحسوسات و إن كان إلهيا
فإلهيا كالعبودية التامة و الشهادة الكاملة و ترك الالتفات إلى الأغيار و الرجوع
إلى الواحد القهار.
مقام جمعي:
إن السر الوجودي و الفيض الواجبي لما كان ظاهرا
في كل الموجودات على تفاوت طبقاتهم و لكل منهم نصيب من الرحمة الشاملة على تباين
درجاتهم و لا شبهة في أن الأقرب إلى الحق أفضل من غيره لقلة الوسائط بينه و بين
ينبوع الوجود و المقام الجمعي الإلهي و لعدم تضاعف الوجوه الإمكانية لأن كل ما
يتركب من أمور ممكنة يتصف بإمكان الهيئة الاجتماعية الحاصلة و إمكانات أجزائه
فتضاعف الإمكان و كلما كثر وجوه إمكاناته يزداد بعدا من الواجب لذاته و الإنسان
واقع في آخر رتب الحيوان بعد صور العناصر و الأركان لذلك قال تعالى لَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ
سافِلِينَ.
فإذ لم يتجرد ذاته عن جميع الأغشية و اللبوسات و
لم يؤد الأمانات المأخوذة منها عند نزوله في كل مقام و وروده على كل مرتبة من عالم
الغيب إلى عالم الشهادة بترك التعشق إليها و الإعراض عنها و لم ينزهه عن وجوه
الإمكانات و نقائصها لم يطلع على الجهة المقدسة و لم يظهر له الوجوب الذاتي و
لوامع الغيب و أسرار الوحدة.
فكما أن الإنسان من لدن أول نقصه و كمونه إلى
آخر كماله و ظهوره ما لم يمت عن مرتبة أدنى لم يحصل له درجة أخرى فوقها و ما لم
يخلع عنه صورته النقص لم يتلبس بصورة الكمال الإضافي و كان كل فساد منه يلزمه كون
لأجله و من كل موت يخرج به عن نشأة يتهيأ منه الحياة[219]
يدخل بها في نشأة أعلى منها إلى أن يبلغ إلى هذه المرتبة الكمالية.
فإذن ما لم يحصل له قطع التعلق عن الصور
الإمكانية و ترك الالتفات إلى القيود النقصانية لم يتصور له الوصول إلى درجة
المقربين و الانخراط في سلك المهيمين و عباد الرحمن الذين للشيطان عليهم سلطان[220]