اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 60
الملكوت يكون
ناقصا غير معتبر و لا مستنطق من القدس و قال في منطق المطارحات عقيب ذكر المقولات
انظر كيف انتقلت الحكمة من النظر في أمور الروحانيات و معرفة الطريق إلى مشاهداتها
و سلم الخلع و التجريد و العلوم العميقة التي يشهد بصحبتها الأمم الفاضلة و عليها
مدار الحكمة إلى ما فعل شيخ المشائين من الاختصار على أمور تشبه مقولة متى و الجدة
بحيث صارت العلوم التي بالحقيقة حكمه و كان عليها مدار السير و شهود أنوار الملكوت
منقطعة لا يعرفها المنتسبون إلى الحكمة انتهى كلامه.
و إني لا أعلم يا إخواني إذا نادى منادي الحق
لظهور الحقائق ينطمس هذه الأقاويل الناقصة الشاغلة و إن بقيت تبقى في المواقف
الجدلية في رياضات المبتدئين و تعود الحكمة الرئيسة فإن ذات الخالق إذا أنذر صدق و
إذا وعد حقق و قال فرفوريوس بعد ذكر مراتب الناس بحسب الأعمال و الأخلاق فأما
الذين أحكموا العلم فقدر درايتهم[197] في الآخرة قدر مكاسبهم من
العلوم فالجدلي مع السبع و الحكيم مع المدبرات العلوية و المتأله مع الأنوار
القاهرة و الفاني يضمحل في نور الأنوار.
أقول: المراد من الحكيم هو المبرهن الباحث من
دون التأله و المراد من المتأله من سلك في الفلسفة سبيل الإشراق و اعتقد أن جميع
المجردات الإلهية و العقلية و النفسية من حقيقة النور و أن حقيقة النور حقيقة
بسيطة لا جنس لها و لا فصل و لا حد و لا رسم لأنها ظاهرة بذاتها مظهرة لغيرها فلا
يمكن تعريفها و إظهارها بما هو غيرها و إلا لزم تعريف الظاهر بالخفي و تحصيل
الحاصل و يعتقد أن التفاوت بين جميع الأنوار القاهرة و المدبرة بل المحسوسة أيضا
ليس بأمر ذاتي أو عرضي بل التفاوت بينهما إنما هو بالكمال و النقص و الشدة و الضعف
و بحسب سنخ النورية و القرب و البعد إلى نور الأنوار و يعتقد أيضا كثرة الأنوار
القاهرة أزيد من كثرة الأنواع الجسمية لاشتمالها على سلسلة الأنوار الطولية
الأعلون و العرضية.