اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 59
لِلْجَبَلِ
جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً[192] فمن كفر
بوجدان الحق و لا يتعرض لنفحات ألطاف الله في أيام دهره و لا يترقب لجذبات إعطافه
التي توازي عمل الثقلين فإن الله غني عن العالمين[193]
لعدم استكماله بعرفانهم و إنما يستكملون هم منه.
تنبيه:
و مما يجب عليك يا حبيبي هداك الله إلى حقيقة
معرفته و أفاض عليك أنوار رحمته أن هذه المراتب الرفيعة و الدرجات العظيمة لا يحصل
بمجرد قراءة المتداولة من الكتب من دون سلوك طريق الحق و الانقطاع عن الخلق و
رياضة النفس و مجاهدة القوى فإن أكثر المباحث المثبتة في الدفاتر المكتوبة[194]
في الأوراق إنما الفائدة فيها مجرد الانتباه لحصول الشوق إلى الوصول لا الاكتفاء
بانتقاش النفوس بنقوش المعقول و المنقول فإن مجرد ذلك لا يحصل به اطمينان القلب و
سكون النفس و راحة البال و طيب المذاق بل هي مما يعد السالك لسلوك سبيل المعرفة و
الوصول إلى الأسرار إن كان مقتديا بطريق الأبرار متصفا بصفات الأخيار.
و ليعلم أن معرفة الله و علم المعاد و علم طريق
الآخرة و فقه الأنوار ليس المراد الاعتقاد الذي تلقاه[195]
العامي أو الفقيه وراثة و تلفقا[196] فإن المشعوف بالتقليد و المجمود
على الصورة لم ينفتح له طريق الحقائق كما ينفتح للكرام الإلهيين و لا يتمثل له ما
ينكشف للعارفين المستصغرين بعالم الصورة من معرفة الخلائق و حقيقة الحقائق.
قال شيخ الإلهيين في حكمة الإشراق: شر القرون ما
طوي فيه بساط الاجتهاد و انقطع سير الأفكار و انحسم باب المكاشفات و انسد طريق
المشاهدات و قال أيضا و كما أن السالك إذا لم يكن له قوة بحثية هو ناقص فكذا
الباحث إذا لم يكن معه مشاهدة آيات من