اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 57
و يحترق بنوره
الحجب و الأستار فينادي الحق لمن الملك اليوم و يجيب بنفسه لنفسه لله الواحد
القهار.
و هذا نهاية سفر الأول من الأسفار التي للسالكين
الكاملين و هذه النهاية موجبة للولادة المعنوية التي سماها بعضهم التوحيد و بعضهم
بالقيامة الوسطى و ربما عبروا عنها بزوال التعينات الخلقية و فناء وجه العبودية في
وجه الربوبية كانعدام تعين القطرة[183] عند الوصول إلى البحر و ذوبان
الجمد[184]
بطلوع الشمس فيزول عنه التعين الأسمائي ليرجع إلى الوجود المطلق بارتفاع وجوده
المقيد.
و قيل هذا التوحيد عبارة عن ستر وجه العبودية
بوجه الربوبية و اختفاء كوكب ذاته عند وجود شمس العظمة و الكبرياء و يكون الرب
ظاهرا و العبد مخفيا و هذا الاختفاء إنما هو في مقابلة اختفاء الحق بالعبد عند
إظهاره إياها و قد يكون تبديل الصفات البشرية بالصفات الإلهية دون الذات فكلما
ارتفعت صفة من صفاتها قامت صفة إلهية مقامها فيكون الحق سمعه و بصره كما نطق به
الحديث المشهور و يتصرف في الوجود بما أراد الله عند سيره عن الحق إلى الخلق و
سعته للجانبين كما للكمل و الأفراد الذين قامت قيامتهم و هم في جلابيب أبدانهم قد
نضوها[185]
و انسلخت نفوسهم الإنسية عنها كل يوم انسلاخ الحية الوحشية عن جلدها في كل سنة و
روي عن سيد الكونين و مرآة العالمين عليه و آله الصلاة و السلام: من أراد إلى ميت
يمشي فلينظر إلي و كان السابقون الأولون من الحكماء الإلهيين أصحاب انسلاخ البدن و
كانت هذه الصفة ديدنا و عادة و ضعة معتادة لهم و سنة شائعة فيهم كما نقل صاحب
الإشراق أنه كان لا يعد الإنسان من الحكماء ما لم يطلع على الجهة المقدسة و لا من
المتألهين ما لم يحصل له ملكة خلع البدن حتى تصير البدن بالنسبة إليه كقميص يخلعه
تارة و يلبسه أخرى فإذا بلغ الإنسان إلى هذه المرتبة العظيمة و المنزلة