responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 56

ثم يحاسب نفسه دائما في أفعاله و أقواله و يجعلها منهما في كل ما يأمر به و إن كان أمرها بالعبادة أيضا لأن النفس مجبولة بمحبة شهواتها و لذاتها فلا ينبغي أن يؤمن من مداخلها فإنها من المظاهر الشيطانية فإذا خلص منها و صفا وقته و طاب عيشه بالالتذاذ بما يجده في طريق المحبوب يتنور باطنه فيظهر له لوامع الغيب و ينفتح له باب الملكوت و يلوح منه لوائح مرة بعد أخرى.

فيشاهد أمورا غيبية في صور مثالية فإذا ذاق شيئا منها يرغب‌[179] في العزلة و الخلوة و الذكر و المواظبة على الطهارة التامة و الوضوء و العبادة و المراقبة و المحاسبة و يعرض عن المشاغل الحسية و يفرغ القلب عن محبتها و يتوجه باطنه إلى الله الحق بالكلية فيظهر له الوجد و السكينة و الشوق و المحبة و الهيمان و العشق فيمحو تارة بعد أخرى فيجعله فانيا عن نفسه فيشاهد المعنى القلبية و الحقائق السرية و الأنوار الروحية فيحقق في المشاهدة و المعاينة و المكاشفة و يفيض عليه العلوم اللدنية و الأسرار الإلهية و يظهر له أنوار حقيقية تارة تختفي أخرى حتى يتمكن و يخلص من التلوين و ينزل عليه السكينة الروحية.

و يصير ورود هذه الأحوال له مقاما أي ملكة راسخة[180] فيدخل في عوالم الجبروت و يشاهد العقول المجردة الأضواء القيومية و الأنوار القاهرة و المدبرات الكلية للأمور الإلهية من الملائكة المقربين و المهيمين في جمال الأزل الفانين في الحق الأول و يتحقق بأنوارهم فيظهر له أنوار سلطان الأحدية و سواطع العظمة و الكبرياء الإلهية فيجعله هباء منثورا.[181] و يندك عنده جبال إنيته‌[182] فيخر له خرورا و يتلاشى و تزول رحمة وجوده من البين و يضمحل عينه في عين الوجود الإلهي و هو مقام الجمع و التوحيد و في هذا المقام يستهلك في نظره الاعتبار


[179] م: نزعت.

[180] م: رايحة.

[181] سورة الفران 25: آية 23: وَ قَدِمْنا إِلى‌ ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً.

[182] م: آنيته‌

اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست