اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 48
أَمْرُهُ
إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[149] دليل واضح على
كون كل من الموجودات عاقلا يعقل ربه و يعرف مبدعه و يسمع كلامه إذ امتثال الأمر
مترتب على السماع و الفهم بالمراد على قدر ذوق السامع و استطاعة المدارك ما يليق
بجنابه المقدس عن الأشباه و الأمثال و قوله تعالى لَها وَ لِلْأَرْضِ
ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ[150] مبين لما
ذكرناه و منور لما قلناه انتهى كلام الغزالي.
إشراقات إلهية:
فقد تحقق و تبين أن الخلافة العظمى الإلهي إنما
تحققت في النشأة الجامعة الإنسانية و استحقت لها بحسب جوهر ذاتها لأجل تطورها
بالأطوار الكونية الوجودية و نشأتها بالشئون العلمية و قابليتها المظهرية[151]
للصفات المتقابلة الإلهية و قد شبه بعض العرفاء الإنسان الكامل و قال إنه بمنزلة
مرآة كريمة مجلوة واقعة في وسط العالم يحاذي بها شطر الخالق من جميع الجهات و
الحيثيات و ليست بغيره من النشئات هذه الجامعية و التمامية فإن العقول و الجواهر
المتخلصة العقلية و الملكة المهيمة و إن حصلت لها إشراقات العلمية و لزمتها
الكمالات النورية لكنها خالية بالكلية عن الأطوار الكونية و الانفعالات الشوقية و
الشعور بالنشأة الحسية الجزئية.
و كذا الأفلاك و إن كانت لها الإدراكات الكلية و
الجزئية بواسطة نفوسها الناطقة المجردة و قواها انطباعية لكن لم يتيسر لها مرتبة
الفناء و الانقطاع عن ذاتها بالكلية و التدرج من صورة إلى صورة و من حال إلى أخرى
إذا كمالاتها فطرية و أجسامها خالية عن الكيفيات المتضادة فلها مقام معلوم لا
يمكنها التعدي عن ذلك و الارتقاء إلى ما هو أعلى بخلاف النشأة الكاملة الإنسانية
فإن لها التقلب في أطوار النقص و الكمال و التحول في تقاليب الأحوال