اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 46
المشائين أن
إدراك كل شيء ليس إلا نحو وجود ذلك الشيء سواء كان الإدراك حسيا أو خياليا و
عقليا و سواء كان حضوريا أو حصوليا و قد تحقق و تبين عند المحققين من متألهي
الحكماء أن موجودية كل شيء هو نحو ارتباطه بالحق الأول و مصداق الحكم على كل شيء
بالوجود هو وجودها النسبي التعلقي بالوجود الحق الإلهي و نحن أقمنا البرهان في
الأسفار الأربعة على أن الهويات الوجودية من أضواء تجليات الحق و لمعات جماله و
جلاله فإذن إدراك كل شيء ليس إلا ملاحظة ذلك الشيء على الوجه الذي يرتبط و ينتسب
بالواجب تعالى من ذلك الوجه الذي هو وجوده و موجوديته و هذا لا يمكن[142]
إلا بإدراك الحق لأن ذاته بذاته منتهى[143] سلسلة
الموجودات و غاية جميع التعلقات.
و بالجملة كما أن الوجود الخارجي
لكل موجود إنما يتحصل من وجود الحق كذلك وجوده العلمي و حضوره الشهودي إنما ينبعث
من شهود الحق.
فكل من أدرك شيئا بأي إدراك فقد أدرك الباري و
إن لم يشعر بهذا الإدارك إلا الخواص من الكمل كما نقل عن أمير المؤمنين ع أنه قال:
ما رأيت شيئا إلا و رأيت الله قبله و روي معه و فيه و الكل صحيح فظهر و تبين أن
هذا الإدراك البسيط المجمل للحق تعالى حاصل لكل أحد من عباده و لا يلزم من ذلك
إدراكه تعالى بكنه ذاته على سبيل الإحاطة و الاكتناه لامتناع ذلك بالبرهان المبين
في موضعه و أما الإدراك المركب سواء كان على وجه الكشف كما يختص بالأولياء و
العرفاء أو بالعلم الاستدلالي كما يحصل للعقلاء المتفكرين في صفاته و آثاره فهو
ليس مما هو حاصل للجميع و هو مناط التكليف و فائدة الرسالة و فيه يتطرق الخطاء
الصواب و إليه رجع حكم الكفر و الإيمان و التفاضل بين العرفاء