اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 21
و أغمضها و
أجلها قدرا و أشرفها و الله المرشد
وهم و تنبيه:
إن بعض الجهلة من المتصوفة الذين شيطان الوهم
عليهم سلطان توهموا لضعف عقولهم و وهن عقيدتهم أن لا تحقق بالفعل للذات الأحدية
المنعوتة بألسنة العرفاء بمقام الأحدية و غيب الهوية و غيب الغيوب بدون مظاهره و
مجاليه[64]
بل المتحقق هو عالم الصورة و قواها الروحانية و الحسية و الله هو الظاهر المجموع
لا غير و هو حقيقة الإنسان الكبير الذي هذ الإنسان الصغير نسخة و أنموذج منه و ذلك
القول كفر فصيح و زندقة صرفة لا يتفوه به من له أدنى مرتبة من العقل و نسبة[65]
هذا الشنيع إلى أكابر الصوفية افتراء محض و إفك عظيم يتحاشى عنه أسرارهم و قلوبهم
و لا يبعد أن يكون سبب ظن الجهلة بهؤلاء الأكابر أن كثيرا ما يطلقون الوجود على
المعنى الظلي الكوني فيحملونه على مراتب التعينات و الوجودات الخاصة فيجري عليه
أحكامها فمن هذا القبيل قول الشيخ في التدبيرات الإلهية كل ما دخل في الوجود فهو
متناه و ما قال القونوي في تفسيره للفاتحة أو العيني الخارج عن دائرة الوجود و
الجعل و قال في مفتاح الغيب و الوجود تجل من تجليات غيب الهوية و حال معين كباقي
الأحوال الذهنية[66]
و ذكر الشيخ علاء الدولة في رسالة الشارد و الوارد لأن فوقها يعني فوق الطبيعة
عالم العدم المحض و ظلمة العدم محيطة بنور الوجود المحدث و فيها أي في ظلمات يوجد
عين الحياة و هذا القول منه إشارة إلى ما قاله في مدارج المعارج و اعلم أن فوق
عالم الحياة عالم الوجود و فوق عالم الوجود عالم الملك الودود و لا نهاية لعالمه
انتهى.
فقد ظهر أنه قد يكون مرادهم من العدم ما يقابل
هذا النحو من الوجود الظلي و إن لم يكن[67] هذا
الإطلاق على سبيل الحقيقة بل على المجاز لأن الوجود في عرفهم ما يكون مبدأ الآثار
و منشأ الأكوان و يمكن أيضا أن يكون مرادهم من الوجود ما يكون معلوما و مخبرا عنه
و.