اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 17
و لو لم يكن
الآيات و الأخبار محمولة على ظواهرها و مفهوماتها الأولى من دون تجسم و تشبيه فلا
فائدة في نزولها و ورودها على عموم الخلق و كافة الناس بل لكان نزولها على ذلك
التقدير في باب فهوم متشابهات و الحديث على ثلاث طبقات الطبقة الأولى الراسخون في
العلم و هم الذين حملوها على مفهومها الأول من دون مفسدة يلزم عليهم من تجويز
النقص عليه تعالى و الطبقة الثانية و هم الظاهريون من أهل العلم و التدقيق
المؤولون تلك الآيات و الأحاديث على وجه يطابق قوانينهم النظرية و مقدماتهم
البحثية حيث لا يتعدون إلى غير طور العقل الفكري و العلم النظري و الطبقة
الثالثة و هم الحنابلة و المجسمة من أهل اللغة و الحديث الذين لم يبعد طورهم
عن عالم الأجسام فيوقفوا فيها و لم يرتق نظرهم عن هذه الهاوية المظلمة فتشابه
عليهم الواجب و الممكن و القديم و الحديث فذهبوا إلى أن آلهتهم جسم أو جسماني
تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا[43] و كلا الفريقين إلى المجسمة و
المؤولة ينظرون في المظاهر بالعين العوراء لكن المجسمة باليسرى و المؤولة باليمنى
و كلاهما أعور و جاهل أما الكل الراسخ في العلم و الشهود فيعلم أن كل ممكن زوج
تركيبي ذو وجهين فبالعين اليمنى ينظر إلى الحق و يعلم أنه الفائض على كل شيء و
الظاهر في كل شيء فيعود إليه كل خير و كمال و فضيلة و بالعين اليسرى ينظر إلى
الخلق و يعلم أن ليس لها حول و قوة إلا بالله العلي العظيم و لا شأن لها إلا
قابلية الشئون و التجليات و هي في ذواتها أعدام فينتهي إليها كل نقص و آفة و فتور
قائلا في خلو ذات الممكن عن كون الوجود وشقا منها و إشراق نور الحق عليها و نفوذ
الوجود في ذاتها