اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 7 صفحة : 44
نشأتك الأولى إلى الفطرة الثانية و النشأة الآخرة فقد وقع أجرك على
الله بل الله مولاك و هو آجرك و جزاك كما قالوَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ
رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
اعلم أيها المتدبر المتأمل أن القرآن إذا كشف نقاب العزة عن وجهه و رفع
جلباب العظمة و الكبرياء عن سره يشفي كل عليل داء الجهل و يروي كل غليل طلب الحياة
و الحقيقة و يداوي كل مريض القلب بعلل الأخلاق الذميمة و أسقام الجهالات المهلكة-
و
عن رسول الله ص: إن القرآن هو الدواء و إن القرآن غني لا فقر بعده
و لا غنى دونه
و القرآن هو حبل الله المتين النازل إلى هذا العالم النجاة المقيدين
بسلاسل التعلقات و أغلال الأثقال و الأوزار من حب الأهل و الولد و الجاه و المال و
شهوة البطن و الفرج و الذهب و الفضة و الخيل و طول الآمال و هو مع عظمة قدره و
مأواه و رفعه سره و معناه مما تلبس بلباس الحروف و الأصوات و اكتسى بكسوة الألفاظ
و العبارات رحمة من الله للعباد و شفقة على خلقه و تأنيسا لهم و تقريبا إلى
أفهامهم و مداراة معهم و منازلة إلى أذواقهم و إلا فما للتراب و رب الأرباب ففي كل
حرف من حروفه ألف رمز و إشارة و غنج و دلال و جلب لقلوب العشاق المشتاقين إلى روح
الوصال فوقع النداء من عالم السماء لتخليص الأسراء من هذا المهوى و سجن الدنيا
بقولهوَ ذَكِّرْ فَإِنَّ
الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ.
فبسطت شبكة الحروف و الأصوات مع حبوب المعاني لصيد طيور السماوات- و
لكل طير رزق خاص يعرف ذلك مبدع الخلائق و منشيها و معيدها و مبدئها و إنما الغرض
الأصلي اصطياد نوع خاص من الطيور السماوية برزق مخصوص سماوي من
[1]إلى القرآن التكويني العقلي و النفسي و غيرهما حتى كلام
الله الذي في مرتبة العلم العنائي، س قده
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 7 صفحة : 44