اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 7 صفحة : 303
و يكون الواجب لذاته منفعلا عن معلوله المتحرك المتجدد الوجود
انفعالا دائما و ذلك محال و بإبطال الإرادة الحادثة في ذات الواجب جل ذكره اندفع
قول بعضهم إن للواجب- لذاته إرادات حادثة غير متناهية لا إلى بداية و لم يزل
الباري مؤثرا بتلك الإرادات الحادثة حتى حدثت إرادة خاصة موجبة لحدوث هذا العالم و
لا يلزم تسلسل الحوادث إلى غير النهاية و يكون العقول و النفوس و الأجسام كلها
حادثة.
و من القائلين بحدوث الإرادة كأبي علي الجبائي و أبي هاشم و القاضي
عبد الجبار الهمداني و أتباعهم
فإنهم يقولون بأنها قائمة لا في محل و هو ممتنع فإن الإرادة إذا
كانت عرضا فيحتاج إلى محل يقوم به فكيف يقوم بذاته إلا أن يريدوا بالإرادة معنى
آخر جوهريا فيكون من جملة العالم فالكلام في حدوثه عائد.
و منهم من جعلها قديمة
و قالوا بأن الإرادة القديمة هي السبب في إيجاد العالم و أنها و إن
كانت قديمة إلا أن الله تعالى إنما أراد إحداث العالم في الوقت الذي حدث- و لم يكن
إرادته متعلقة بإحداثه في وقت آخر غير الوقت الذي وجد فيه و لا يجوز أن يسأل[1]عن لمية إحداثه و سبب
تخصيصه العالم بذلك الوقت دون غيره فإن تلك الإرادة لذاتها و ماهيتها تقتضي
التخصيص بذلك الوقت و الإحداث فيه و لوازم الماهيات لا ينبغي أن تعلل بأمر من
الأمور غير ماهياتها التي هي ملزومات لها.
و أنت فقد عرفت أن الإرادة لا بد فيها من مرجح داع و الأوقات كلها
متشابهة و في العدم الصريح لا يتفاوت شيء عن شيء و لا يتمايز معدوم عن معدوم و
لا يتميز فيه حال يكون الأولى فيه إيجاد العالم و كل ما يفرض قبل العالم مما هو
علة لوجوده من حدوث إرادة أو وقت أو زوال مانع أو تعلق علم أو حصول مصلحة أو غير
ذلك من الأحوال- فإن الكلام عائد في حدوثه و استدعائه لمرجح حادث كما كان الكلام
جاريا في علة حدوث العالم نفسه و ذلك يوجب تسلسل الحوادث إلى غير النهاية.
[1]قد مر في مبحث العلة الغائية من الأمور العامة نقل القول
بأن كون الإرادة مخصصة ذاتي لها و هذا هو ذلك القول فتذكر ما حررنا هناك، س قدس
سره
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 7 صفحة : 303