اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 47
كبيرا و يتكاثف فيشغل حيزا صغيرا مع بقاء صورته الجسمية بحالها فعلم
أنها في حد ذاتها ليست شاغلة للحيز و إلا لما اختلفت الشغل مع اتحادها و أما سائر
الصور و الأعراض فلا يشغل الأحياز شغلا بالذات بل الشاغل بالذات هو المقدار فعلمنا
أن المانع من التداخل هو المقدار فلو كان المكان بعدا يلزم التداخل المستحيل.
أقول الترديد غير حاصر و المنع في كل منها إلا الأعراض وارد لاحتمال
أن يكون المانع من التداخل الهيولى مع المقدار أو الصورة معه أو هو مع المادة- و
الذي يؤيد هذا أنا نتخيل مقدارا عظيما مثل العالم بمجموع ما فيه من السماوات و
الأرضين و نتخيل مقدارا آخر أضعاف المقدار الأول أو مثله داخلا فيه و هكذا نتخيل
فسحة بعد فسحة بحيث لا تمانع فيها و لا تفاسد بل مع بقاء هذه العوالم المقدارية
بحالها و كثير من أهل السلوك يشاهدون في بداية سلوكهم عوالم كثيرة مقدارية لا
تزاحم و لا تضايق بينها و ما يروى عن قائدنا و هادينا ص- أنه رأى ما بين قبره و
منبره روضة من الجنان و رأى في عرض الحائط جنة عرضها السماوات و الأرض و رأى مرة
جبرئيل كأنه طبق الخافقين و رأى أمته ليلة المعراج- و قد انسد الأفق بوجوه
أخيارها.
و أيضا القائلون بأن الرؤية بانطباع شبح المرئي في العضو الجليدي-
يلزمهم التداخل في المقدار لكن لما كان مقدار الشبح مجردا و إن كان مقدار العضو
ماديا جاز التداخل بينهما فعلم من هذا كله أن المانع من دخول الأجسام- بعضها في
حيز بعض ليس مجرد المقدار بل بشرط المادة و السر فيه أن معنى كون الشيء ماديا أنه
مصحوب بالقوة و الاستعداد بما هو استعداد لا يجامع الفعلية إلا أن الكم المتصل في
قبول التعدد فإذا صار منفصلا انعدمت هويته الاتصالية و في المنفصل قوة الاتصال
فإذا اتصلت المنفصلات بطلت هوياتها الاتصالية- فكذلك في شأن الجسم أن يحل مكانا و
لا يحصل ذلك إلا بزواله مع المكان الأول- و كما لا يحل جسم مكانين معا لا يحل
جسمان مكانا واحدا لا لإباء المكان عنهما بل
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 47