اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 139
الخاص بها و تكيفها بذلك المحسوس إلا أن انفعال بعض آلات الحواس و تكيفها
بمحسوسها- يكون بحيث إن النفس يدركها حيث ينفعل الآلات عن محسوساتها كالذائقة و
الشامة و اللامسة.
و منها ما لا يكون كذلك كالباصرة و السامعة و لهذا فإن الإنسان يدرك
لذة الحلو في الفم و لذة الرائحة الطيبة في الشم و لذة النعومة في آلة اللمس- و لا
يدرك لذة الصور الحسنة في الجليدية و لا في ملتقى العصبتين و لا لذة الصوت في
العصبة المستفرشة و إن كانت آلتا السمع و البصر يتكيفان بالكيفيات المسموعة و
المبصرة لا لما قيل إن انفعال بعض آلات الحواس و تكيفها بمحسوسها زماني و انفعال
آلات البعض آني فالأول كاللامسة و الذائقة و الشامة و أما الثاني فكالسامعة و
الباصرة اللهم إلا على طريق الندرة كما إذا نظرنا إلى ضوء قوي أو خضرة شديدة و
حدقنا النظر فيه ثم حولناه إلى غيره فيبقى الضوء و الخضرة في الجليدية- و كذا في
آلة السمع قد يبقى تكيفها زمانا يسيرا كما يقال الصوت بعد في أذني.
فمراد الشيخ أن آلة الثلاث الأول تنفعل عن محسوسها زمانا له قدر بحيث
يدركها النفس و تلتذ أو تتألم و آلة الأخيرين لا تنفعل عن محسوسها و لا يتكيف بها
زمانا له قدر بحيث يدركه النفس فتلتذ أو تتألم.
هذا ما قالوه و هو كلام رخو سخيف لاشتراك الحواس في كون إدراكها آنيا-
و أما أن بعضها آني و بعضها زماني فغير مسلم فمن ادعاه فلا بد من دليل.
ثم إن الشيخ لم يذهب إلى أن آلتي السمع و البصر لا يتكيفان بمحسوسها
بل يتكيفان به كتكيف الثلاث البواقي بمحسوساتها إلا أن السمع و البصر لا يلتذان
بالمسموعات و المبصرات من حيث يسمع و يبصر بخلاف البواقي فإن الذائقة تلتذ من حيث
تذوق و الشامة من حيث تشم و اللامسة من حيث تلمس و السبب فيه ما ذكرنا من أن النفس
تدرك لذة الثلاث من حيث يتكيف آلاتها بمحسوساتها و لا يدرك لذة الأخيرين حيث يتكيف
آلتاهما بمحسوسيهما.
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 139