اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 362
و إما سبيل المقربين من الرياضات العلمية و توجيه القوى الإدراكية
إلى جانب القدس و تصقيل مرآة النفس الناطقة و تسويتها لئلا يتدنس بالأخلاق الردية
و لم تصدأ بما يورده الحواس إليها من أوصاف الأجسام و لم يتعوج بالآراء الفاسدة-
فإنها حينئذ يتراءى صور الحقائق الإيمانية و يشاهد الأمور الغائبة عن حواسها و
تعقلها بصفاء جوهرها فأما إذا كانت النفس مما قد تدنست بالأعمال السيئة أو صدأت
بالأخلاق الردية أو اعوجت بالآراء الفاسدة و استمرت على تلك الحال كأكثر أرباب
الجدال بقيت محجوبة عن إدراك حقائق الأشياء الإيمانية عاجزة عن الوصول إلى الله
تعالى و يفوتها نعيم الآخرة كما قال الله تعالىكَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَفمن أراد أن يصل إلى معرفة الله و صفاته و
أفعاله و معرفة إرسال رسله و إنزال كتبه- و كيفية النشأة الآخرة و أحوال الإنسان
بعد الموت و سائر أسرار المبدإ و المعاد بعلم الكلام و طريق المناظرة فقد استسمن
ذا ورم و إذا جاء حين أن ينبسط القول في معاد النفوس و كيفية رجوعها إلى بارئها في
العالمين و وصولها إلى قيومها في الإقليمين- تبين لك كيفية الحشر الجسماني و
ارتجاع النفوس كلاءة الأجساد بإذن ولي الإبداع و الإنشاء في المبدإ و المعاد على
ما وردت به السنة الشريفة و نطقت به ألسنة الشريعة- ثم إن هؤلاء القوم بعد اتفاقهم
في إعادة الجواهر اختلفوا في الأعراض فقال بعضهم يمتنع إعادتها مطلقا لأن المعاد
إنما يعاد بمعنى فيلزم قيام المعنى بالمعنى[1]و إلى هذا ذهب بعض أصحاب الأشعرية و قال الأكثرون منهم
بامتناع إعادة الأعراض التي لا تبقى كالأصوات و الأدوار لاختصاصها عندهم بالأوقات[2]
[1]أي بصفة ليتميز عن المبتدإ فيكون هذا مبتدأ و ذاك معادا فليلزم
قيام العرض بالعرض، س ره
[2]و هي زمانية بمعنى الانطباق على الزمان المخصوص فإذا انقضى
ذلك الزمان انقضى ذلك الزماني فلا يعاد بخلاف العرض القار الذي لا انطباق له على
الزمان و لا اختصاص له به و لم يكن مقدورا للعبد، س ره
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 362