اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 253
واجب فلو كانت النفوس ماهياتها القائمة بأنفسها هي عين الوجود لكانت
واجبة و هو محال.
و ثانيهما أن الوجود من حيث هو وجود لو اقتضى الوجوب لكان كل وجود
واجبا بالذات[1].
و أجاب عن الأول بأن النفس و إن شاركت الواجب لذاته في كونه وجودا
محضا لكن التفاوت حاصل بينهما من جهة الكمال و النقص و هو تفاوت عظيم جدا فإن
الوجود الواجبي لا يتصور ما هو أعلى منه في التمام و الكمال لأنه غير متناهي الشدة
في قوة الوجود و وجود النفس ناقص إذ هو معلول له بعد وسائط كثيرة و مرتبة العلة في
الكمال فوق مرتبة المعلول كما أن نور الشمس أشد من النور الشعاعي الذي هو معلوله و
هذا تمثيل لمطلق كون المعلول أنقص من العلة و إلا فالتفاوت بين كمال الباري و كمال
النفس لا يقاس إلى هذا و قد حقق روح الله رمسه في سالف القول- أن تفاوت الكمال و
النقص لا يفتقر إلى مميز فصلي ليلزم من ذلك تركب الواجب لذاته و إمكان النفوس هو
نقص وجودها و كذا إمكان غيرها من المعلولات- و مراتب النقص متفاوتة تفاوتا لا تكاد
تنحصر و أما الوجود الواجبي فوجوبه هو كمال وجوده الذي لا أتم منه بل و لا يجوز أن
يساويه وجود آخر لاستحالة وجود واجبين.
فإن قيل الأشياء القائمة بأنفسها لا يجوز أن يكون بعضها أشد من بعض
إذ لا أشد و لا أضعف فيما يقوم بنفسه.
قلنا إن دعواكم تحكم محض ليس لكم عليه حجة إلا عدم إطلاق أهل اللسان[2]و هو مما لا عبرة به في تحقيق الحقائق.
و أجاب عن الثاني بطريقين المنع و المعارضة
[1]أي من حيث هو وجود محض لا يقترن بغيره و قوله لو اقتضى
الوجوب أي القيام بذاته كما في حق وجود النفس حسب ما ذهب إليه الشيخ الإلهي فلا
تغفل، ن ره
[2]يعني أن دعواكم أن الشدة و الضعف من خواص الكيف مجرد دعوى
بلا دليل و الحق أن الشدة و الضعف من أحوال الوجود بالذات و غيره من ذوات الماهيات
كالكيف و غيره إنما يوصف بهما بالعرض و حقيقة الوجود حقيقة عينية متفاوتة بحسب
المراتب بالكمال و النقص و الغنى و الحاجة و هكذا، ن ره
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 253