responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 74

و لا أيضا تحت شي‌ء من المقولات الباقية العرضية و مع ذلك معلوم أنها غير مفتقرة إلى الموضوع و هذا بعينه حال الوجود من أن وجود الجوهر يحمل عليه الجوهر لا بأن يكون الجوهر جنسا له إذ لا ماهية للوجود بذاته حتى يكون جنسا لكنه متحد مع الماهية في الخارج فوجود الجوهر جوهر و وجود العرض عرض بهذا الوجه الذي ذكرنا فمن هاهنا يتفطن العارف اللبيب أن الصورة النوعية هي ذوات بسيطة وجودية و الفصول عنوانات بسيطة لها و هي متمايزة بذواتها و أما حاجة الوجودات الصورية إلى الهيولى فليست بذواتها بل بما يلحقها و يلزمها من العوارض المسماة عند القوم بالعوارض المشخصة من الكم و الكيف و الوضع و الأين و غيرها و هي من علامات التشخص و لوازمه و إنما التشخص بنفس الوجود فالوجود متشخص بذاته و الماهيات متشخصة به كما أنه موجود بنفسه و الأشياء موجودة به و كما أن كل فصل أخير لنوع النوع مصداق لحمل جميع ما تحصلها من معاني الأجناس و الفصول المترتبة القريبة و البعيدة التي يتركب منها النوع الأخير فكذلك الصورة التي بإزائها حقيقتها جامعة بذاتها لجميع المواد و الصور و القوى التي يتألف منها المركب الطبيعي كالإنسان مثلا فالصورة البسيطة التي للإنسان هي بعينها منشأ للحيوانية و الحس و الحركة و النمو و الحفظ و الجسمانية و غيرها بل هي بذاتها كل هذه الأشياء و كلما كان الوجود أقوى و أكمل و أبسط كانت حيطته بالأشياء أكثر و سنزيدك توضيحا لهذا المقصد في مستأنف الكلام عند تضاعيف الأنظار في شرح هذا الكتاب إن شاء الله و هو من الحكمة المضنون بها عن غير أهلها

[الفصل الرابع: في تقديم الصورة على المادة]

قوله في تقديم الصورة على المادة في مرتبة الوجود الغرض في هذا الفصل كيفية الارتباط بين المادة و الصورة في الوجود و أنهما متلازمان تلازم معلولي علة واحدة مع تقدم أحدهما على الآخر في الوجود ضربا من التقدم‌ قوله فقد صح أن المادة الجسمانية إنما تقوم بالفعل عند وجود الصورة و أيضا فإن الصورة المادية ليست توجد مفارقة للمادة فلا يخلو إما أن يكون بينهما علاقة التضايف إلى آخره‌ لما تحقق و تبين أن المادة الجسمانية مفتقرة القوام إلى الصورة لأنها ناقصة الجوهر مبهمة الذات بالقوة و أن الصورة الجسمية لذاتها غير مستغنية الوجود عن الهيولى كما علمت بالبرهان من أنه لو جردت الصورة في هذا الوجود عن الهيولى لكانت مقدرة مشكلة بمقدار مخصوص و ليسا من لوازم الجسمية العامة المشتركة و إلا لزم اشتراك الأجسام كلها فيهما و اللازم باطل فكذا الملزوم فهما إذن حاصلان فيها بانفعال و قبول لمادة و قد فرضت مجردة عنها و أيضا إن جردت الصورة عن المادة من غير وقوع قسمة عليها و جردت و قد فرضت عليها قسمة فإن هناك بالضرورة اختلافا مقداريا لا محالة و لو بالجزئية و الكلية لأن الطبيعة في الجزء و الكل واحدة فلو كانت الجسمية سببا لما وقع الاختلاف فلا بد هناك من انفعال مادة و قد فرضت مجردة عن المادة و علائقها هذا خلف فثبت أن بينهما علاقة ذاتية و تلازم وجودي فلا يخلو تلك العلاقة إما علاقة التضايف أو علاقة العلية و المعلولية أما الأولى فغير صحيحة بينهما من حيث ذاتيهما أما أولا فلأنهما من مقولة الجوهر و المضاف مقولة أخرى و أما ثانيا فلأن كلا منهما غير معقولة بالقياس إلى الأخرى بل معقولة في ذاتها نظرا إلى ذاتيهما و كون إحداهما مقيسة إلى الأخرى بأن يكون هذه مادة لتلك و تلك صورة لهذه لا يعلم إلا بنظر دقيق و بحث عميق كما مر فليستا مضافين حقيقيين بالذات و إن كانت كل منهما من حيث المفهوم الوضعي مضافا مشهوريا فإن الهيولية داخلة تحت المضافات لا يعقل إلا بالقياس إلى ما هي قوة أو استعداد أو ذات استعداد له و كذا كون الصورة صورة لا يعقل إلا بالقياس إلى ما هي تمام و كمال له لكن الكلام في نفس حقيقة كل منهما مع قطع النظر عن مفهوم الاسم و إلا لم يحتج في استلزام كل منهما الأخرى إلى استدلال لأنهما يعقلان معا و أما ثالثا فلأن كلامنا في الحال بين المادة و الصورة المتلازمين الموجودتين معا و إضافة الاستعداد لا يعرض للمادة بالقياس إلى الصورة الموجودة معها بل بالقياس إلى الصورة التي هي غير موجودة بالفعل بل بالقوة و كذا الصورة صورة لمادة هي بالقوة إذا تحققت بالفعل بطل كونها مادة بالقياس إلى هذه الصورة فيصير بها مادة أخرى بصورة أخرى فإن الهيولى مبهمة الوجود كلما تحصلت بصورة تجدد لها نحو آخر من الوجود يقع به مستعدة لصورة أخرى فثبت أن ليس التعلق بينهما تعلق المتضايفين بل علاقة التلازم الوجودي على نحو غير التضايف‌ قوله فلا يخلو إما أن يكون العلاقة بينهما علاقة ما بين العلة و المعلول و إما أن يكون العلاقة منهما علاقة أمرين متكافى‌ء الوجود ليس أحدهما علة و لا معلولا للآخر و لكن لا يوجد أحدهما إلا و الآخر يوجد إلى آخره‌ لما ثبت أن العلاقة بين المادة و الصورة ليست علاقة المتضايفين فلا يخلو إما أن يكون أحدهما بخصوصها علة و الأخرى معلولة أو يكونا أمرين متكافى‌ء الوجود و التكافؤ في الوجود يتصور على وجهين أحدهما أن يكون كل منهما علة للأخرى و هذا منفسخ بأدنى توجه من العقل الصحيح من غير حاجة إلى تكلف الاستدلال و ثانيهما أن لا يكون أحدهما علة و لا معلولا للآخر و لكن لا يوجد أحدهما إلا و الآخر موجود معه فإذا كان كذلك فليس‌

اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست