responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 42

البراهين ليس و لا يكون إلا إثبات الأعراض الذاتية لموضوعاتها لا إثبات تلك الموضوعات فيقتصر في معرفتها على الحدود و التصورات دون الإثبات و التصديق فيلزم أن لا سبيل إلى إثبات شي‌ء من الموضوعات فاستثنى من هذا الحكم الكلي السلبي أعني قولنا ليس لشي‌ء من البراهين إثبات الموضوعات حكما أيجابيا و جزئيا و هو مفاد قوله لكن معرفة جوهر الموضوعات يعني براهين العلم الأعلى كما تثبت الأعراض الذاتية لموضوعاتها كذلك يثبت الموضوعات فالموضوعات التي يعرف فيما سلف من العلوم المنطقية و الرياضية و الطبيعية يعرف بالحدود فقط دون الإثبات فعلى صاحب هذا العلم أن يحصل وجودها و التصديق بإنيتها و لم يكن في علم واحد أن يتكلم في أمرين لشي‌ء أعني التحديد و الإثبات جميعا بل كلما تكلم في التحديد و التصوير لم يتكلم في الإثبات و التصديق إلا هذا العلم حيث يتكلم فيهما جميعا لكن يشكل على هذا أي على كون هذا العلم متكفلا للأمرين بأنه إن تكلم في الموضوعات على سبيل التحديد و التصوير فيكون علما جزئيا و هو علم كلي هذا خلف و ذلك لأن تحديد الموضوعات كان شأن العلوم الجزئية و إن تكلم فيها في التصديق فقط كان الكلام فيها بنحو واحد و هو البرهان لا بالنحوين البرهان و الحد جميعا كما هو المفروض و الجواب أن هذه الأمور موضوعات في سائر العلوم و عوارض ذاتية في هذا العلم لأنها أحوال أو أقسام لموضوع هذا العلم الذي هو الموجود مطلقا فموضوعيتها بالإضافة إلى غير هذا العلم فلو تكلم هذا العلم في تحديدها لم يلزم أن يصير علما جزئيا إذ لم يتكلم في تحديد الموضوع من جهة ما هو موضوع فيه بل من جهة ما هو موضوع في علم آخر و كذا إذا برهن عليها لم يبرهن عليها بما هي موضوعات فيه بل يبرهن عليها بما هي أحوال و أعراض ذاتية لموضوعه و إن كانت يصير موضوعات في علوم أخرى‌ قوله و أيضا إذا لم يلتفت إلى علم آخر و قسم هذا العلم إلى آخره‌ يريد بيان أن هذا العلم كيف يتكلم في الأمرين جميعا لشي‌ء واحد أعني التحديد و الإثبات بأنا إذا لم نلتفت إلى علم آخر و قطعنا النظر عن سائر العلوم و لم نقل إن الموضوعات لها محمولات في هذا العلم بل قلنا إن هذا العلم منقسم و منحصر إلى جوهر و عوارض إلى موضوع و أحوال ذاتية خاصة له كان الجزءان كلاهما من أفراد الموضوع لأن الموجود بما هو موجود شامل لهما جميعا بخلاف سائر العلوم الجزئية إذا انقسم إلى جزءين موضوعات و عوارض ذاتية لها فإن محمولاتها مغايرة لموضوعاتها و هذا إنما نشأ هاهنا لعموم الموجود بما هو موجود الذي هو موضوع لهذا العلم فكلما فرضته موضوعا فيه فإذا نظرت إليه من حيث كونه قسما مغايرا للقسم الآخر الذي هو الأعراض الذاتية لم يكن المفروض موضوعا لهذا العلم موضوعا بل قسما من الموضوع إذ الموضوع شامل له و للأعراض الذاتية جميعا فالموضوع و الجوهر بنحو ما عارض لطبيعة الموضوع و الجوهر الذي هو الموجود و إن صار ذلك الموضوع و الجوهر دون غيره مما هو من الأعراض لطبيعة الموجود بما هو موجود أن يقارنه طبيعة الموضوع أو يكون هو هو بعينه أما المقارنة و العروض فباعتبار كونه فردا من الموجود بما هو موجود و أما العينية فباعتبار كونه نفسه إذ الموجود طبيعة يصح حملها على كل شي‌ء على نفسه و على مغايره فما هو جوهر و موضوع و ما هو عرض و صفة كلاهما مشترك في كونهما موجودا فما هو الجوهر و الموضوع ليست جوهريته و موضوعيته لأنه طبيعة الموجود بما هو موجود بل لأنه فرد للموجود و جزء للعلم الباحث عن أحواله مغاير لأعراضه الذاتية المبحوث عنها فيه و الحاصل أن لهذا العلم دون سائر العلوم أن يتكلم في الموضوعات على سبيل الحدود و البراهين جميعا و مبنى الجواب الأول على أن الموضوعات المبحوث عنها بالحدود و البراهين في هذا العلم موضوعات لسائر العلوم و محمولات لهذا العلم فمن الجهتين يتكلم فيها بالوجهين و مبنى هذا الجواب أن هذا العلم يصح أن يتكلم في الموضوعات بالوجهين من جهة واحدة لكن باعتبارين فإن موضوعات هذا العلم باعتبار محمولات فيه باعتبار آخر فإن الموجود بما هو موجود أعم من الموضوع و العرض و إن كان الموضوع نفسه فهو أعم من نفسه باعتبار الموضوعية كما علمت‌ قوله و مع هذا كله فليس البحث عن مبادي التصور إلى آخره‌ يريد أن هذا العلم قد يبحث عن المبادي التصورية و الحدية لموضوعات العلوم الأخرى بحثا تصوريا أو حديا و لا يلزم من ذلك أن يكون باحثا

عن حدود تلك الموضوعات و تصوراتها و كذا يبحث عن المبادي التصديقية لمسائل العلوم الأخرى بحثا برهانيا و لا يلزم منه أن يكون ذلك بحثا برهانيا عن نفس تلك المسائل حتى يلزم أن يكون البحثان المتخالفان بحثا واحدا و العلمان المتخالفان اللذان أحدهما فوق و الآخر تحت علما واحدا و لا يبعد أن يكون هذا الكلام إشارة إلى جواب آخر عن الإشكال المذكور و أن يكون إشارة إلى دفع إشكال ربما يتوهم من جهة البحث عن مبادي الحدود و البراهين أن يلزم الخلط بين العلمين و الاتحاد بين البحثين و التوفيق من الله العليم الحكيم‌

[المقالة الثانية و فيها أربعة فصول‌]

[الفصل الاول: في تعريف الجوهر و أقسامه‌]

قوله المقالة الثانية الغرض من هذه المقالة البحث عن مهية الجوهر و وجوده و الإشارة إلى تعيين أقسامه الخمسة الأولية و البحث عن ما سوى القسمين المفارقين اللذين أخر البحث عنهما إلى موضع آخر و هو الجسم و مادته و صورته ففي هذه المقالة بين مهيته الجسم و وجوده و مهيته جزئية و وجودهما و كيفية التلازم بينهما و أما الذي ذكر في المنطق من حال الجوهر و خواصه كان‌

اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست