responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 259

يتأدى إليها و أما الثاني و الثالث فليس لها تقدم ضروري و لا لبعض العلل ترتب على الأخرى و إنما قيد الصورة بقوله من جهة ما الصورة علة مؤدية إليها لما علمت من أن الصورة لها اعتباران أحدهما اعتبار أنها داخلة في قوام ماهية المركب و علة صورية له ليصير بها كاملا بالفعل و هي بهذه الاعتبار غير مؤدية إلى شي‌ء آخر هو غاية و ثانيهما اعتبار أنها واقعة في طريق التأدية إلى كمال آخر هي نيابة بهذا الاعتبار سبب متقدم على وجود الغاية و باقي ألفاظه غني عن الشرح‌ قوله هذا إذا كانت العلة الغائية في الكون و أما إذا كانت للعلة الغائية ليست إلى آخره‌

[في أن الشى‌ء قد يكون مع في شيئية و قد تكون مع في وجوده‌]

قد سبق منا ذكر هذا الحكم و تقسيم الغاية إلى ما تحت الكون و الفساد و إلى ما ليس كذلك و أن الغاية التي ليست في الكون ليست معلولة لشي‌ء من العلل لا في كلا الأمرين من الشيئية و الوجود و لا في أحدهما الذي هو الوجود و الحصول كما هو دأب الغايات الكونية فالعلة الغائية من الوجه الذي هي به علة لغيرها من العلل لا يكون معلولة لها أبدا سواء كان وجودها حادثا أم لا و لكن التي عرض لها الوجود الحادث يفتقر في وجودها إلى تلك العلل فلو لم يكن ذات كون لم يكن معلولة لها أصلا و الغاية من حيث كونها علة غائية لصدور الفعل علة فاعلية لسائر العلل و لكن في أن يكون عللا فإن الفاعل و القابل قد يكون ذاتاهما موجودتين و لا فعل و لا انفعال إذ لم يتصور الفاعل ماهية الغاية فإذا تصورها فعل الفاعل في القابل فحصلت الصورة في القابل لأجل الغاية فإذن العلة الغائية هي التي يجعل الفاعل فاعلا و القابل قابلا و كذا يجعل الصورة كائنة موجودة و لكن لا في نفسها بل ليتأدى إلى الغاية المطلوبة سواء كانت الغاية موجودة بالفعل قبل الصورة و ذلك في الغايات التي هي خارجة عن عالم الكون أو مترتبة على الفعل و على وجود الصورة كما في الغايات الكونية المتلاحقة فإذن الذي بالذات لسبب الغائي بما هو سبب غائي أن يكون سببا لسائر الأسباب متقدما عليها بما هي أسباب و قد يعرض له من جهة أن وجود معناه و ماهيته في الكون أن يكون معلولا لها متأخرا عنها فقد اتضح و انكشف لك أن شيئا واحدا كيف يكون علة و معلولا لنفسه و فاعلا و غاية و من نظر حق النظر و كان ذا بصيرة عقلية ينكشف عليه أن الغاية مطلقا كمال الوجود الفاعل لكن الفاعل على أربع مراتب الأولى مرتبة ما كماله و غاية نفس ذاته إذ لا كمال فوق ما هو عليه من وجود ذاته بذاته فذاته غاية كل غاية كما هو فاعل كل فاعل و الثاني ما كماله فوق ذاته و لكن مع ذاته فهو يفعل الفعل لأجل ما فوقه الذي لا يفارق عنه و هي مرتبة العقول الفعالة للأشياء لأجل اتصالها بما فوقها و الثالثة مرتبة ما كماله منفكة عنه و لكن له أن يبلغ إلى كماله و يلحق أوله بآخره من غير أن تبطل ذاته و هي مرتبة النفوس بما هي نفوس فإنها تفعل أفاعيلها من التحريكات و التدبيرات لأن يتكامل وجودها و يتجرد عن التعلق بالأبدان و المواد الكونية و يصير هو جوهرا مفارقا مستقل الوجود ذاتا و فعلا و الرابعة مرتبة الفواعل الطبيعية فإن كمالاتها متأخرة عن وجوداتها التي في أوائل الكون و هي متوجهة في أفاعيلها إلى كمالاتها و لكن مع تبدل و تجدد في ذواتها فالصورة النطقية إذا بلغت حد الحيوانية بطلت الأكوان التي لها قبل الحيوانية و هذا لأجل نقص الوجود الطبيعي و ضعف وحدة الصور الطبيعية و تجدد ذاتها كما علمت منا مرارا فالغاية معنى واحد في الجميع فما قيل إن الغاية في الحركة و المتحرك معناها غير معنى الغاية في الفاعل و أنها في الفاعل بمعنى الغاية و في المتحرك بمعنى النهاية ليس بشي‌ء بل في الكل بمعنى واحد و هو الكمال و التمام و قوله و هذا من المبادي الطبيعية قد ذكرنا أن التي أوردها الشيخ في أوائل الطبيعيات من أحكام العلل الأربع سواء كانت عللا مختصة بالأمور الطبيعية كالمادة و الصورة أو غير مختصة بها كالفاعل و الغاية كان إيرادها على وجه المبدئية و التسليم‌

[في أن العلة الغائية علة لصيرورة سائر العلل‌]

قوله و أما البحث الذي بعد هذا فينكشف بما يقوله أن الغاية التي يحصل في فعل الفاعل ينقسم‌ هذا البحث إشارة إلى ما ذكره بقوله و مما يليق أن يتكلم فيه بعد حل هذه الشبهة أنه هل الغاية و الخير شي‌ء واحد أم مختلف و أيضا ما الفرق بين الجود و الخيرية فنقول اعلم أن الغاية منقسمة أولا إلى قسمين لأنها إما أن يكون واقعة تحت الكون أم غير واقعة تحت الكون و التي هي من القسم الثاني فهي أعلى و أرفع من أن يجري فيه بعض الاعتبارات التي سيجي‌ء من كونها وجودا أو صورة و أما التي من القسم الأول فهي لا يخلو إما أن يكون صورة جوهرية أو عرضية في القابل المنفعل لفعل ذلك الفاعل أم لا يكون كذلك و حينئذ لا بد أن يكون صورة أو عرضا في ذات الفاعل لاستحالة أن يكون مثل تلك الغاية جوهرا قائما بنفسه لا في مادة و لا من مادة لأن كل حادث كما مر مسبوق بمادة أو أن يكون موجودة في مادة أخرى غير مادة الفعل أصلا فالتي لا يكون موجود لا في الفاعل و لا في القابل فلا يكون موجودة أصلا على أنك قد علمت منا أن الغاية في كل فعل هو ما يستكمل به الفاعل لكن الفاعل القريب للحركة غايته صورة أو عرض‌

اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست