responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 254

أو قوة فكرية فالمبدأ الأبعد للحركة إما مبدأ الفكر أو مبدأ التخيل إلا أنه ليس و لا واحد منهما واجب الحصول بعينه و إذا عرفت هذا فنقول أما القوة المحركة التي هي في العضلات فإن غايتها لا محالة موجودة كسائر القوى الطبيعية التي للأجسام و لا فرق بينها و بين تلك الطبائع إلا بأن هذه مسخرة لقوة أخرى فوقها جزئية فيستخدمها في الحركة إلى أي جهة شاءت بخلاف الطبائع البسيطة فإن حركاتها إلى جهة معينة و لها غاية مخصوصة لا يختلف ثم إن لم يوجد معها غاية القوة الشوقية سمي ذلك الفعل باطلا بالقياس إلى القوة الشوقية لا بالقياس إلى القوة المحركة مثل من وصل إلى المكان الذي قدر فيه مصادفة الصديق و لم يصادفه فأما إذا حصلت الغايتان و لكن يكون المبدأ البعيد هو التخيل وحده لا الفكر يسمى ذلك الفعل عبثا و إذا تطابق المبدءان التخيل و الفكر جميعا على غاية فليست بعبث ثم لا يخلو ذلك الفعل المسمى بالعبث إما أن يكون مبدؤه هو التخيل وحده أو التخيل مع طبيعة أو مزاج كالتنفس أو حركة المريض أو التخيل مع خلق أو ملكة نفسانية داعية إلى ذلك الفعل بلا روية فالقسم الأول يسمى جزافا و لم يسم عبثا و الذي كان المبدأ فيه التخيل مع طبيعة يسمى قصدا ضروريا أو طبيعيا و الذي كان المبدأ فيه هو التخيل مع ملكة و خلق يسمى عادة فإذا عرفت ذلك ظهر أن العبث فعل له غاية و هي خير حقيقي أو ظني أما أن له غاية فلأن اللعب ما يليحه مبدأ حركته هو القوة التي في العضلة و الذي قبله شوق تخيلي بلا فكر و ليس مبدؤه فكرا و قد حصلت الغاية التي للقوتين المحركة و الشوقية التخيلية و لم يحصل الغاية التي للقوة الفكرية لأنها غير موجودة حتى يكون لها غاية فظهر أن المبادي الموجودة غاياتها حاصلة و ما لم يحصل عن الغايات فذلك لأنه لم يكن مبدؤها موجودة و أما بيان أن تلك الغاية خير حقيقي أو مظنون فلأن كل فعل نفساني فلشوق مع تخيل لكن ربما لا يكون ذلك التخيل ثابتا بل يكون سريع البطلان فلا يحصل الشعور فإن التخيل شي‌ء و الشعور بالتخيل شي‌ء آخر و بقاؤه في الذكر شي‌ء آخر و لا يستلزم الأول للأخيرين و لو كان كل تخيل يلزمه الشعور به لذهب الأمر إلى غير النهاية ثم ذلك الشوق التخيلي له علة لا محالة إما عادة و إما ملال عن هيئة و إما حرص يخصها كالحركة للمحركة و الحس للمحسة على إحداث فعل من القوة فذلك كله لذيذ بحسب القوة التخيلية و اللذيذ شي‌ء خير بالقياس إلى ذلك الشي‌ء و إن لم يكن خيرا بالقياس إلى القوة العقلية فهذه الأشياء غير خالية عن خيرات مظنونة ثم وراء هذه علل و أسباب لتخصيص الحركات الجزئية لا ينضبط فثبت أن لكل فعل غاية هي خير بالقياس إلى فاعله و علمت أيضا أن غاية كل فعل كمال من جنس فاعله فالطبيعي للطبيعة و النفساني للنفس و العقلي للعقل‌

[في الفرق بين الغاية و الضروري‌]

قوله و أما الشك الذي يليه فينكشف بأن يعرف الفرق بين الغاية بالذات و بين الضروري الذي هو إحدى الغايات بالعرض و الفرق بينهما أن الغاية بالذات هي أن الغاية إلى قوله لا العرض الاتفاقي‌ هذا الشك هو الذي أشار إليه بقوله ثم لقائل أن يقول قد يجوز أن يكون لكل غاية غاية كما لكل ابتداء ابتداء و الجواب الذي ينكشف به حاله موقوف على مقدمة و هي أن تعرف الفرق بين الغاية بالذات و بين الضروري الذي هو أحد أقسام الغاية بالعرض فنقول قد عرفت أن الغايات إما اتفاقية أو ضرورية فاعلم أن الغاية الضرورية إما ذاتية و إما عرضية فالغاية الذاتية هي الغاية التي توجهت إليها الطبيعة أو الإرادة و طلبتها لذاتها و العرضية ما لا يكون كذلك و هو أحد أمور ثلاثة أحدها الأمر الذي لا بد من وجوده متقدما على وجود الغاية حتى توجد الغاية المطلوبة مثل صلابة الحديد ليتم به القطع و هذا يسمى نافعا إما بالحقيقة كما في الأفعال الطبيعية أو بالظن كما في بعض الأفعال الاختيارية و ثانيها شي‌ء لا بد من وجوده حتى يوجد الغاية و لكن لا على أنه علة للغاية بوجه من الوجوه مثل أنه لا بد من جسم أدكن حتى يتم به القطع و لا مدخلية للدكنة في كون الحديد قاطعا إلا أنها لازمة له و ثالثها الأمر الذي يترتب حصوله على حصول الغاية مثل أن العلة الغائية لفعل التزويج هي التوليد ثم يتبعه حب الولد و يلزمه لا على أن يكون لأجله التزويج فهذه كلها من أقسام الغايات بالعرض لا بالذات لكن الضرورية منها لا الاتفاقية

[في بيان العلة الغائية في الطبائع‌]

قوله و قد علمت الغايات الاتفاقية في موضوع‌ إشارة إلى ما ذكره في أوائل الطبيعيات و تلخيص ما ذكره هناك مع مزيد تحقيق و توضيح أن كل مسبب فله سبب فإما أن يكون حصوله عن سببه دائما أو أكثريا أو على سبيل التساوي أو على الأقل فإن كان على الوجهين الأولين فلا يقال إنه اتفاقي واقع بالاتفاق أما في الدائم فهو ظاهر و أما في الأكثري و هو السبب الذي يتوقف استكمال سببيته على حصول قيد فعند تخلف ذلك القيد يتخلف عنه حصول المعلول و عند حصوله يحصل المعلول لامتناع تخلف المعلول عن علته التامة و الفرق بين الدائم و الأكثري هو ما ذكرناه من أن الدائم ما يجتمع في علته جميع القيود المعتبرة

اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست