responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 168

الفعل الصادر عنها بسهولة و الحاصل أن كلا منهما يترتب على الأفعال بنحو و يترتب عليه الأفعال بنحو آخر و تحقيق المقام أن كل من فعل فعلا أو تكلم كلاما يحصل منه أثر في نفسه و حالة يبقى زمانا و إذا تكررت الأفاعيل و الحركات استحكمت الآثار في النفس صارت الأحوال ملكات راسخة و صورا ثابتة هي صورة تلك الأفعال و مبدؤها الفاعلي كالسخونة الضعيفة في الفحم إذا اشتدت يصير صورة محرقة نارية يفعل فعل النار كذلك الكيفية إذا اشتدت صارت ملكة يصدر عنها الأفاعيل بسهولة و من غير روية و تعمل و كان صدورها أولا بتكلف و مشقة و تجشم كسب جديد و من هذا الوجه يحصل تعلم الصناعات و العادات العلمية و العملية و لو لم يكن للنفس البشرية هذا التأثر أولا ثم الاشتداد يوما فيوما لم يمكن لأحد تعلم شي‌ء من الصنائع و الحرف و لم ينجع التأديب و التمرين و لم يكن في تأديب الأطفال و تمرينهم الأعمال فائدة و ذلك هو المطلوب قبل رسوخ حالات مضادة لما في نفوسهم و لأجل ذلك يتعسر تعليم الرجال البالغين العلوم و الصنائع لاستحكام صفات أخرى حيوانية و خروج نفوسهم بها من القوة و الهيولانية إلى الفعل و الصورة و كانت أولا كصحيفة خالية قابلة لكل نقش و صورة و سيعلم من مباحث المعاد أن أفراد البشر إنما يبعث يوم القيامة و يحشر على صور مختلفة هي صور أعمالهم المتكررة الوقوع عنهم في الدنيا فيصير أنواعا كثيرة متخالفة بعضها من جنس البهائم و بعضها من السباع و بعضها شياطين و بعضها ملائكة مما يطول شرحه و بالجملة هذه الصور كامنة مستورة عن الحواس هاهنا و هي بارزة مكشوفة في القيامة على رءوس الأشهاد إذا بعثر ما في القبور و حصل ما في الصدور و القوى التي بالطبع إلى آخره قد علمت أن القوى التي بالطبع لها أربعة أقسام كل منها جنس آخر تحته أنواع كثيرة ثنتان منها يوجد في الأجسام الحية إحداهما فعلها على نسق واحد هي ما في الفلكيات و الأخرى لا على نظام واحد هي الحيوانات الأرضية و ثنتان أخريان توجد في الأجسام الغير الحية إحداهما في النباتات و الصادر منها لا على نسق واحد و الأخرى في غيرها كالعناصر و المعدنيات و الصادر منها على نسق واحد و أما القوى التي بالصناعة أو العادة أو الاتفاق فلا توجد إلا في قسم واحد من تلك الأقسام الأربعة و هو الجسم الحيواني الذي يختلف أفاعيله كالإنسان و الحيوان الذي يقرب مزاجه من مزاج الإنسان فإن الاعتياد ما يمكن تحققه أيضا في بعض الحيوانات العجم كالفرس و القردة و الببغا

[في بيان إبطال قول من زعم أن القدرة إنما تكون مع الفعل‌]

قوله و قد قال بعض الأوائل إلى آخره‌ زعم قوم من المتقدمين و طائفة من المتأخرين من علماء الكلام أن القدرة لا يكون إلا حين الفعل و لا القوة يمكن ثبوتها إلا مع الفعل و الشيخ رد عليهم بأن هذا القائل يلزم عليه أن لا يقدر على القيام عند القعود و لا على القعود عند القيام فكيف صار الممتنع الوجود موجودا و أن يرى شيئا قبل أن يبصر و أن يبصر في يوم واحد مرارا فهو بالحقيقة أعمى إذ الذي كان يمتنع عليه أن يرى شيئا يستحيل أن يصير بصيرا إذ الخشب الذي ليس في طبعه أن يقبل النحت كيف يصير منحوتا فكل ما ليس بموجود بالفعل و لا فيه إمكان الوجود فهو مستحيل الوجود فبطل مذهبهم و اعترض عليه صاحب الملخص بأن هذا الاستبعاد عندي ليس في موضعه لأنا فسرنا القوة بكونها مبدأ للتغير فمبدأ التغير إما أن يكون قد كملت جهات مبدئيته أو لم يكمل و لم يخرج بالكلية إلى الفعل فعلى الأول يجب أن يوجد معه الأثر و استحال تقدمه على الأثر فصح قولنا إن القوة مقارنة للفعل و إن لم يوجد أمر من الأمور المعتبرة في مؤثريته لم يكن تمام المؤثر بل بعضه فلم يكن الموجود هو القوة على الفعل بل بعض القوة بل لا شك أن الكيفية المسماة بالقدرة حاصلة قبل الفعل و بعده و لكنها بالحقيقة ليست تمام القوة على الفعل بل هي أجزاء القوة و إذا أمكن تأويل كلام القوم على الوجه الذي فصلناه فأي حاجة إلى التشنيع عليهم و تقبيح صورة كلامهم انتهى أقول لعمري أن تصحيح كلامهم بهذا التأويل و التفصيل أشنع و أقبح كثيرا من كلامهم الواقع على الإجمال فإن هذا التفصيل ناقص على أنه قد يكون لشي‌ء واحد نحوان من الكون نقص و كمال و نسبة القوة إلى الفعل و الإمكان إلى الوجود بعينها نسبة النقص إلى الكمال ففي ما ذكره اعتراف بأن لشي‌ء واحد مراتب في الحصول فقوله إما أن كملت جهات مبدئيته أو لم يكمل قلنا لم يكمل جميعا و لكن حصل بعضها فهذا أمر متوسط بين أن لا يكون في شي‌ء جهة من جهات المبدئية كالفرس و الصبي بالنسبة إلى الكتابة و أن يكون فيه تمام جهات المبدئية كالكاتب الذي يكتب و ذلك المتوسط كالأمي و الصبي الذي تعلم بل كالكاتب في غير وقت الكتابة و عند عدم الإرادة لها فالطرفان أحدهما غير كاتب لا بالفعل و لا بالقوة و الآخر كاتب بالفعل و الأوساط التي بينهما كلها كاتب بالقوة على مراتب متفاوتة في القرب و البعد من الفعل بحسب تحقق بعض جهات الكاتبية كثيرة أو قليلة فقال لي أيها الإمام هل لك و لمن يأتم و يقتفي بك أن ينكر الفرق بين الحجر و المدر و بين الإنسان المتدرب المتمرن في تعلم الكتابة و كسبها عند عدم الاشتغال بها في عدم كونها مبدأين تامين بالفعل كيف و الفرق متحقق بين كل وسطين من الأوساط الكثيرة كثرة لا تحصى الواقعة بين الطرفين في قربها و بعدها من المبدإ التام بالفعل و هو الذي يجب عليه الفعل و يستحيل عليه الترك أو ضد الفعل و كان من قبل ذلك إما قوة على الضدين و قدرة على الطرفين قريبة أو بعيدة أو استعدادا لأحدهما و الاستعداد لا يكون إلا قريبا من أحدهما لا غير و اعلم أنه يوجد في كثير من نسخ هذا الكتاب بعد قوله و قد قال قوم من الأوائل قوله و غاريقوا منهم و صورة هذه اللفظة إما مفردة كأنه اسم رجل و ينافيه وجود الألف بعد الواو و إما جملة من مبتدإ و خبر و غار أي جماعة بقوا منهم‌

اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست