responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 155

بعضها أولى بالتقدم من البعض الآخر و أما المتقدم في كل قسم فهو أولى بالمعنى الذي هو ملاك تقدمه على المتأخر فيه و لا يلزم أن يكون أولى بالتقدم من المتأخر فإذن لا استبعاد في كون معنى التفاوت و التشكيك واقعا على أقسامه على وجه التفاوت و التشكيك بأن بعض أشد تشكيكا بين أفراده في نفس معناه من البعض الآخر فكذلك معنى التقدم واقع على أقسامه الخمسة على المشهور بالتشكيك و لا يلزم من ذلك أن المتقدم في كل قسم يكون أولى بالتقدم من المتأخر فيه فالغلط إنما نشأ من الخلط بين المقسم و القسم أو بين القسم و قسم القسم‌

[في بيان القدم بالزمان و المكان‌]

قوله و المشهور عند الجمهور إلى آخره‌ يريد ذكر أقسام التقدم و التأخر و كيفية نشوء بعضها عن بعض مع التنبيه على القدر المشترك بينها كما هو رأيه فالمشهور من أقسام التقدم بين الجمهور هو هذا أن القسمان أعني ما في المكان و ما في الزمان و ذلك لكونهما في المرتبات المكشوفة عند الحس كان عندهم أولا في أشياء لها ترتيب فما هو قريب إلى حد مكاني فرض أو وجد مبدأ فله تقدم على ما هو بعيد منه لأن له أن يلي ذلك المبدأ حيث لا يلي ما هو بعده و لا يليه ما هو البعد إلا و قد وليه الأقرب و كذلك حال أجزاء الزمان بالنسبة إلى الآن الحاضر أو غيره لكن يختلف الحال و يتعاكس بحسب الماضي و المستقبل بالنسبة إلى الآنين و اعلم أن الغرض هاهنا ليس تعريف كل قسم قسم من أقسام التقدم بخصوصه ليرد عليه أن ما ذكره في التقدم الزماني هو بعينه حال التقدم الرتبي من غير فرق بل الغرض بيان اشتراكها في معنى واحد ثم نقل اسم التقدم من ذلك أي مما له ترتيب مكاني أو زماني إلى ما له ترتيب و لو في العقل لا في العين فكل ما هو أقرب إلى مبدإ محدود معين في الخارج أو في الوهم فهو أقدم مما هو أبعد منه و ذلك الترتيب أعم من أن يكون طبيعيا أو وضعيا أو اتفاقيا فالأول كما بين الأجناس و الأنواع المترتبة من جنس الأجناس إلى الشخص أو من الشخص إلى جنس الأجناس إذا جعل الشخص مبدأ فيختلف الحال في التقدم و التأخر بحسب وضع كل من الحدين مبدأ فجعل أحد الحدين أو غيره مبدأ و إن كان بالوضع لكن مراتب القرب و البعد بالقياس ليس بوضع واضع بل بمقتضى الطبع و الترتيب الواقع في درجات كمالية لشخص واحد كالجنينية و الصبا و الشباب و الكهولة و الشيخوخة و الهرم ترتب طبيعي أيضا كما بين أجناسه و فصوله لكن ذلك بحسب الماهية و هذا بحسب الشخصية فالصبا لكونه أقرب من مبدإ حركته الجوهرية من الرجولية فيكون أقدم منها و كذا الشباب أقدم من الكهولة هذا إذا جعل مبدأ لترتيب من ظرف المبدإ في الوجود إذا جعل المبدأ من الجانب الآخر انعكس حال التقدم و التأخر اللذين هما بحسب الرتبة و أما الثاني و هو الترتيب الوضعي و الصناعي فكمراتب الحدة و الثقل في النغمات فإنها بوضع الواضع و اختياره و صنعه و كذا ترتيب الكلمات و الألفاظ في الصناعات الكلامية و أما الثالث فهو كأعداد الحيوانات أو النباتات الواقعة على ترتيب خاص مكاني أو غيره لا عن قصد و لا عن طبع بل بمجرد البخت و الاتفاق و اعلم أن كثيرا من الناس تشوشت عليهم الاعتبارات فربما لم يجدوا الفرق بين التقدم بالطبع و التقدم الرتبي الطبيعي إذا اجتمعا و لم يعلموا أن التقدم الرتبي الطبيعي غير التقدم بالطبع و لهذا يختلف الحال في الرتبي فيصير المتقدم متأخرا و بالعكس إذا جعل المبدأ في السلسلة الطبيعية طرفا آخر بخلاف التقدم الطبيعي و كذا قد يقع الخلط منهم بين المتقدم بالطبع الذي لا يجامع المتأخر في الوجود و بين المتقدم في الزمان إذا اجتمعا في شي‌ء واحد كالنطفة بالقياس إلى الحيوان المتكون منها فإنها متقدمة عليه بالزمان و هو ظاهر و بالطبع لأنها من جملة أسبابه بل لها ثلاثة أقسام من التقدم عليه هذان التقدمان و الذي بالرتبة ترتيبا طبيعيا فالأول من حيث عدم اجتماعها معه و الثاني من حيث كونها سببا له غير تام و الثالث من جهة كونها واقعة في ترتيب وقع بين درجات استكمالاته بحسب القرب مما فرض مبدأ سواء كان مبدأ في الترتيب هو بعينه مبدأ في الطبيعة إلا قوله ثم نقل إلى أشياء أخرى فجعل الفائق و الفاضل و السابق و لو في غير الفضل متقدما يعني نقل اسم التقدم بعد ما نقل من الزماني و ضرب من الرتبي و هو المكاني إلى مطلق الرتبي سواء كان في المحسوسات أو في غيرها و سواء كان في الأمور الطبيعية أو الوضعية و الاتفاقية إلى أشياء أخرى منها الكمال و النقص فجعل الكامل في شي‌ء و لو في أمر حساس متقدما على دونه في ذلك الأمر و هذا هو المسمى عند الحكماء بالتقدم بالشرف على سبيل التغليب فالنور الشديد و الظلمة الشديدة متقدمان بالشرف بالنسبة إلى النور الضعيف و الظلمة الضعيفة فهاهنا كأنه قد جعل نفس الطبيعة المشتركة كالمبدإ المحدود كما في التقدم الرتبي و لهذا عرف بعضهم معنى الشدة و الضعف بازدياد الطبيعة العامة في بعض الأفراد و انتقاصها في الآخر فعلى هذا تحقق هاهنا أيضا

المفهوم المشترك لجميع المقدمات فإن السابق و الكامل في باب ما له ما ليس للتالي و الناقص و ليس يوجد له من هذا الباب إلا و هو حاصل للسابق مع زيادة كالسواد الشديد فله من الطبيعة السوادية ما ليس للسواد الضعيف و ليس للسواد الضعيف من تلك الطبيعة شي‌ء إلا و هو حاصل للفرد الشديد منها و كذلك الحال في كل ما له كمالية و تفوق في معنى ما كان كالمخدوم بالقياس إلى الخادم و الرئيس بالقياس إلى المرءوس فإن معنى الاقتدار و الاختيار في المخدوم و الرئيس أكمل منه في الخادم و المرءوس فيوجد للمخدوم من بمعنى الاختيار و ما يجري مجراه ما لم لا يوجد منه الخادم و كلما يقع من هذا الباب في الخادم وقع للمخدوم و كذا الرئيس و المرءوس و اعلم أنه ليس المعنى المشترك المتفاضل في هذين المثالين هو معنى الخدمة و الرئاسة كما يتوهم من ظاهر العنوان إذ ليست الخدمة مشتركة بين الخادم و المخدوم ثم لو كان التفاضل بحسبه كان الخادم أولى بهذا التقدم من المخدوم و كذا الرئاسة معنى ليست معنى مشتركا فيه بينهما بل المعنى المتفاضل فيه بينهما شي‌ء آخر كالاختيار و العزة و التدبير و الحكومة و نحو هذه الأمور التي لا ينفك غالبا عنهما و في قوله فيتحرك باختيار الرئيس مناقشة فإنه يفهم منه التقدم بالطبع‌

اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست