responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 137

و سيجي‌ء في مباحث الكليات فساد هذا الظن و أن وحدة الماهية الواحدة ليست وحدة بالعدد بل وحدة بالمعنى و الحد أو يكون منشؤه أن القائلين بالمثل الأفلاطونية و الصور المفارقة زعموا أن المدرك لنفوسنا في كل تعقل لماهية كلية هو إحدى تلك الصور فإدراكنا لماهية الفرس مثلا عبارة عن ملاحظة صورة الفرسية التي في ذلك العالم و كذا في إدراكنا لكل ماهية و يحتمل أيضا أن يكون منشؤه ما ذكر عن فرفوريوس من اتحاد النفوس الكاملة بالعقل الفعال فالعقول الهيولانية على مذهبه يصير مواد مصورة بالعقل متحدة به و هذه الأقاويل باطلة عند الشيخ‌ قوله و قد أشرنا إلى الحال في ذلك إلى آخره‌ قد ذكرنا أن سبب هذا التوهم أحد الأقوال المذكورة فالذي سبقت الإشارة من الشيخ إلى إبطاله في علم النفس هو ما قال في الفصل الخامس من المقالة الخامسة من الفن السادس من الطبيعيات من أن الإنسانية المقارنة بخواص زيد ليس بعينها الإنسانية التي يقارن خواص عمرو كان ذاتا واحدة هي لزيد و عمر بل الإنسانية في الوجود متكثرة فلا وجود لإنسانية واحدة مشتركة فيها كلي في الوجود الخارج حتى يكون بعينها إنسانية زيد و عمرو و هذا يستبين في الصناعة انتهى فهذه إشارة إلى إبطال المذهبين الأولين و ما قال في الفصل السادس من تلك المقالة أن النفس يعقل بأن تأخذ في ذاتها صورة المعقولات مجردة عن المواد و كون الصورة مجردة إما أن يكون بتجريد العقل إياها و إما أن يكون لأن تلك الصورة في نفسها مجردة عن المادة فيكون النفس قد كف المئونة في تجريدها و النفس يتصور ذاتها و تصورها ذاتها يجعلها عاقلا و معقولا و أما تصورها لهذه الصور فلا يجعلها كذلك فإنها في جوهرها في البدن عقل بالقوة و إن خرج في أمور ما لا الفعل و ما يقال من إن ذات النفس يصير هي المعقولات فهي من جملة ما يستحيل عندي فإني لست أفهم أن شيئا يصير شيئا آخر و لا أعقل أن ذلك كيف يكون إلى آخر كلامه فهذه إشارة إلى إبطال المذهب الأخير و أن لنا في تصحيح ذلك المذهب خوضا عظيما لا يسبقنا أحد من فلاسفة الإسلام ذكرناها في باب العقل و المعقول من كتابنا الكبير و سنعود إليه في هذا الشرح عند مباحث علم الباري جل ذكره و كذا لنا في تصحيح القول بالمثل النورية و الصور الإلهية خوض عظيم و تحقيق عميق كما سيظهر لك عند كلامنا في الصور و التعليميات و المراد بقوله و سنحوج بعد إلى خوض في إبانة ذلك هو ما قد تبين في المقالة الخامسة من تحقيق كيفية وجود الطبائع الكلية و كيفية كليتها و اشتراكها بين كثيرين و أبطل كون الموجود من كل منها في موضوعات متعددة أو في أذهان متكثرة واحدا بالعدد بل الموجود منه في كل مادة خارجية أو عقلية غير الموجود منه في مادة أخرى أو عقل آخر بالعدد و شنع على من زعم أن الطبيعة الواحدة بالعدد موجودة في مواد و أذهان متعددة أو ما ذكره في ثاني المقالة السابعة في إبطال القول بالمثل‌

[في أن العلم الحصولي للنفوس المجردة الانسانية]

قوله فإذن تلك الأشياء إنما يحصل في العقول البشرية إلى آخره‌ لما أبطل كون الذات المجردة العقلية حاصلة بهوياتها العينية في نفوسنا أراد أن يبين كيفية علمنا بها إذا العلم بالشي‌ء عبارة عن حصول المعلوم للعالم به و حيث إن العلم بالشي‌ء منحصر في أحد أمرين إما حصول هويته العينية للعالم به حتى يكون وجود المعلوم في نفسه و وجوده للعالم شيئا واحدا بالذات كما في علم المفارق بذاته و علمنا بالصور الحاصلة في ذواتنا و إما حصول ماهية و معناه دون هويته و وجوده و بطل كون علمنا بالذوات العقلية الخارجية على الوجه الأول فبقي الحق أنه على الوجه الثاني و لهذا فرع على إبطاله أن الحاصل من تلك الذوات في العقول البشرية إنما يكون معاني ماهياتها أي المعاني التي هي ماهياتها لا ذواتها أي أشخاصها و لا فرق بينها و بين غيرها من الجواهر الخارجية المادية في أن الحاصل من كل منها في نفوسنا ليس ذواتها بل معانيها و ماهياتها إلا في شي‌ء واحد و هو أن تلك الجواهر لكونها مغشاة بأغشية خارجة عن ماهياتها من كم و كيف و أين و متى و غيرها فلا يحصل لب معانيها في الذهن إلا بعد تقشيرات و تجريدات عن هذه الملابس و القشور و ذلك بخلاف الذوات العقلية فإنها لا يخالطها أمور غريبة مؤثرة في وجودها يجعلها بحال غير ما هي عليها في أنفسها فلا يحتاج تعقلها إلى تجريد مجرد و تطهير مطهر بل أذهب الله عنهم الرجس في أصل الفطرة و طهرهم تطهيرا و هاهنا بحث و تحقيق و هو أن القوم حتى الشيخ و من في طبقته زعموا أن المانع من تعقل الماهيات الخارجية كونها مخلوطة بعوارض غريبة و أن كل تعقل بل كل إدراك لا بد من تجريد للمدرك عن العوارض كلها أو بعضها و مراتب الإدراكات حسب مراتب التجريدات فالحس يجرد الصورة عن الكل إلا عن الإضافة إلى المادة و العقل يجردها تجريدا كاملا و ليس الأمر كذلك عندنا فإن الكم و الأين و الوضع لو كان شي‌ء منها مانعا عن التعقل لما أمكن تعقل شي‌ء منها نعم العقل يميز بين الذاتي و العرضي و بين الجنس و الفصل و بين النوع و الشخص و الماهية و الوجود بخلاف الحس فإنه يرى و يشاهد المركب و المجموع شيئا

اسم الکتاب : الحاشية على الإلهيات المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست