اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 336
يكون جميع الأجزاء
واجبات بذواتها ، وإمّا أن يكون بعضها واجباً بالذات وبعضها ممكناً ، وإمّا أن
يكون جميعها ممكنات؛ والأوّل محالٌ ، إذ لو كانت الأجزاء واجبات بذواتها كان بينها
إمكان بالقياس كما تقدّم [١]
، وهو ينافي كونَها أجزاءً حقيقيّة لمركّب حقيقيّ ذي وحدة حقيقيّة ، إذ من الواجب
في التركيب أن يحصل بين الأجزاء تعلّق ذاتيّ يحصل به أمر جديد وراء المجموع ، له
أثرٌ وراء آثار كلّ واحد من الأجزاء؛ والثاني محالٌ للزوم افتقار الواجب بالذات
إلى الممكن ، على أنّ لازمَهُ دخول الماهيّة في حقيقة الواجب ، لما تقدّم في مرحلة
الوجوب والإمكان أنّ كلّ ممكن فله ماهيّة [٢]
؛ والثالث أيضاً محالٌ بمثل ما تقدّم.
وهذه البراهين غير كافية في نفي الأجزاء
المقداريّة ـ كما قالوا [٣]
ـ ، لأنّها أجزاء بالقوّة لا بالفعل ـ كما تقدّم في بحث الكمّ من مرحلة الجواهر
والأعراض [٤]
ـ.
وقد قيل [٥] في نفيها [٦] : «إنّه لو كان للواجب جزء مقداريّ فهو
إمّا ممكن فيلزم أن يخالف الجزء المقداريّ كلّه في الحقيقة وهو محال ، وإمّا واجب
فيلزم أن يكون الواجب بالذات غير موجود بالفعل بل بالقوّة وهو محالٌ».
ثمّ إنّ من التركّب ما يتّصف به الشيء
بهويّته الوجوديّة من السلوب ، وهو منفي عن الواجب بالذات (تعالى وتقدّس).
بيان ذلك : أنّ كلّ هويّة صحّ أن يسلب
عنها شيء بالنظر إلى حدّ وجودها ، فهي متحصّلة من إيجاب وسلب ، كالإنسان مثلا هو
إنسان ، وليس بفرس في حاقّ وجوده ، وكلّ ما كان كذلك فهو مركّب من إيجاب هو ثبوت
نفسه له وسلب هو نفي