responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 1  صفحة : 304

فتنشىء أحياناً صوراً حقّةً صالحةً وأحياناً صوراً جزافيّةً تعبث بها.

وثالثها : عالم التجرّد عن المادّة وآثارها ، ويسمّى «عالم العقل».

والعوالم الثلاثة مترتّبة طولا ، فأعلاها مرتبةً وأقواها ظهوراً وأقدمها وجوداً وأقربها من المبدأ الأوّل (تعالى وتقدّس) عالم العقول المجرّدة ، لتمام فعليّتها وتنزُّهِ وجودها عن شوب المادّة والقوّة ، ويليه عالم المثال المتنزّه عن المادّة دون آثارها ، ويليه عالم المادّة موطن النقص والشرّ والامكان ، ولا يتعلّق بما فيه العلم إلاّ من جهة ما يحاذيه من المثال والعقل على ما تقدّمت الإشارة إليه [١]

الفصل الرابع

ينقسم العلم الحصوليّ إلى كلّيّ وجزئيّ بمعنى آخر

فالكلّيّ هو العلم الذي لا يتغيّر بتغيّر المعلوم الخارجيّ ، كصورة البناء التي يتصوّرها البنّاء فيبني عليها ، فإنّها على حالها قبل البناء ومع البناء وبعد البناء وإن انعدم ، ويسمّى «علم ما قبل الكثرة».

والعلم من طريق العلل كلّيٌّ من هذا القبيل ، كعلم المنجّم بأنّ القمر منخسف يوم كذا ساعة كذا إلى ساعة كذا يرجع فيه الوضع السماويّ بحيث يوجب حيلولة الأرض بين القمر والشمس ، فعلمه بذلك على حاله قبلَ الخسوف ومعه وبعدَه.

والوجه فيه أنّ العلّة التامّة في علّيّتها لا تتغيّر عمّا هي عليه ، ولمّا كان العلم بها مطابقاً للمعلوم فصورتها العلميّة غير متغيّرة ، وكذلك العلم بمعلولها لا يتغيّر ، فهو كلّيٌّ ثابت.

ومن هنا يظهر أنّ العلم الحسّيّ لا يكون كلّيّاً ، لكون المحسوسات متغيّرة.

والجزئيّ هو العلم الذي يتغيّر بتغيّر المعلوم الخارجيّ ، كعِلْمنا من طريق الرؤية بحركة زيد ما دام يتحرّك ، فإذا وقف عن الحركة تغيَّر العلم ، ويسمّى «علم ما بعد الكثرة».


[١] في السطور السابقة آنفاً.

اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 1  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست