فذهبت المعتزلة الى أنّ كل
ما تولد من فعل العبد فهو فعل له، سواء تولد عن فعله المباشر او تولد عن فعله
المتولد عن المباشر.
و ذهب معمر الى أنه لا فعل
للعبد الا الإرادة و ما يحصل بعدها فهو من طبع المحل.
و قال آخرون من المعتزلة:
لا فعل للعبد الا الفكر.
و قال النظام: لا فعل له
إلا ما يوجد في محل قدرته، و ما يتجاوز محل القدرة فهو واقع بطبع المحل.
و ذهبت الأشاعرة الى أنّ
المتولدات من فعله تعالى و ليس فيها ما هو كسب للعبد[2].
و الحق عندي المذهب الأول،
و يدل عليه ما دللنا به في المسألة الأولى، فإنا نستحسن المدح على ما يقع من
أفعالنا المتولدة كالكتابة و البناء، و نستحسن الذم على بعض آخر منها كالقتل، و
هذا إنما ذكرناه استدلالا على ضرورية هذا الاعتقاد لا عليه نفسه. و يبطل قول من
قال بأنّ الفعل صادر عن طبع المحل، أنه لو كان كذلك لدام و لما اختلف و لتشاركت[3] المتساويات فيه و التوالي كلها باطلة
فالمقدم مثله.
[1] البحث عن المتولدات
من الافعال بحث عريض بسط المتكلمون القول فيه، و قد بحث القاضي عبد الجبار في مجلد
ضخم من كتابه: المغني في ابواب التوحيد و العدل (الجزء السابع من كتابه)، و تجد
الاقوال التي نسبها المصنف الى قائليها في: الاشعري، مقالات الاسلاميين ج 2 ص 77
فبعد.