اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 2 صفحة : 359
«الورد الخامس ما بعد
ذلك إلى العصر
(1) أعني إلى أن يبقى ربع
النّهار فإنّ منزلة العصر بين الزّوال و الغروب كمنزلة الضحى بين الطلوع و
الزّوال».
أقول: و يصلّي فيه من
نوافل العصر أربعا أو اثنتين.
قال: «و يستحبّ فيه
العكوف في المسجد مشغولا بالذّكر و الصّلاة أو فنون الخير و يكون في انتظار الصلاة
معتكفا فمن فضائل الأعمال انتظار الصلاة بعد الصلاة و كان ذلك سيرة السلف رحمهم
اللّه، كان الداخل يدخل المسجد بين الظهر و العصر فيسمع للمصلّين دويّا كدويّ
النحل من التلاوة، فإن كان بيته أسلم لدينه و أجمع لهمّه فالبيت أفضل في حقّه و
إحياء هذا الورد و هو أيضا وقت غفلة الناس كإحياء الورد الثالث في الفضل، و في هذا
الوقت يكره النوم لمن نام قبل الزّوال إذ يكره نومتان بالنّهار، قال بعض العلماء:
ثلاث يمقت اللّه عليها الضحك بغير عجب، و الأكل من غير جوع، و نوم النهار من غير
سهر باللّيل، و الحدّ في النوم أنّ اللّيل و النّهار أربع و عشرون ساعة فالاعتدال
في نومه ثمانية ساعات في اللّيل و النهار جميعا، فإن نام هذا القدر باللّيل فلا
معنى للنوم بالنّهار، و إن نقص منه مقدارا استوفاه بالنهار فحسب ابن آدم إن عاش
ستّين سنة أن ينقص من عمره عشرين سنة و مهما نام ثمانية ساعات و هو الثلث فقد نقص
من عمره الثلث، و لكن لمّا كان النوم غذاء الروح كما أنّ الطعام غذاء البدن و كما
أنّ العلم و الذكر غذاء القلب لم يمكن قطعه منه و قدر الاعتدال هذا، و النقصان منه
ربما يفضي إلى اضطراب البدن إلّا من يتعوّد السهر تدريجا فقد تمرّن نفسه عليه من
غير اضطراب».
(2) أقول: و ممّا روي في
هذا الباب عن أهل البيت عليهم السّلام ما روي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال:
«نم نوم المتعبّدين و لا تنم نوم الغافلين فإنّ المتعبّدين[1]من الأكياس ينامون
استرواحا و أمّا الغافلون فينامون استبطارا، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: تنام عيني و لا ينام قلبي، و انو بنومك تخفيف مئونتك على الملائكة و اعتزال
النفس عن شهواتها، و اختبر بها نفسك معرفة بأنّك عاجز ضعيف لا تقدر على شيء من
حركاتك و سكونك إلّا بحكم اللّه و تقديره، فإنّ النوم أخو الموت فاستدلل بها على
الموت الّذي لا تجد السبيل إلى
[1] في بعض نسخ المصدر
«فان المعتبرين من الاكياس ينامون استراحة».
المحجة البيضاء جلد2
360 «الورد الخامس ما بعد ذلك إلى العصر ..... ص : 359
اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 2 صفحة : 359