اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 2 صفحة : 358
بأن يزكّيه اللّه تعالى
و يصطفيه لقربه و معرفته، و فضل ذلك كفضل إحياء اللّيل فإنّ اللّيل وقت الغفلة
بالنوم و هذا وقت الغفلة باتّباع الهوى و الاشتغال بهموم الدّنيا و أحد معني قوله
تعالى: «وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً»[1] أي يخلف أحدهما الآخر في الفضل، و
الثاني أنّه يخلفه فيتدارك فيه ما فات في الآخر.
الورد الرابع ما بين
الزّوال إلى الفراغ من صلاة الظهر
و راتبتها و هو أقصر
أوراد النهار و أفضلها، فإذا كان قد توضّأ قبل الزّوال و حضر المسجد فمهما زالت
الشمس و ابتدأ المؤذّن الأذان فليصبر إلى الفراغ من جوابه، ثمّ ليقم إلى إحياء ما
بين الأذان و الإقامة فهو وقت الإظهار الّذي أراد اللّه تعالى بقوله: «وَ حِينَ تُظْهِرُونَ»[2].
(1) أقول: أوّل ما يفعله
عند تحقّق الزوال أن يقول ما رواه في الفقيه «أنّ الباقر عليه السّلام علّمه
لمحمّد بن مسلم و قال له: حافظ عليه كما تحافظ على عينيك و هو «سبحان اللّه و لا
إله إلّا اللّه و الحمد للَّه الّذي لم يتّخذ ولدا و لم يكن له شريك في الملك و لم
يكن له وليّ من الذّلّ و كبّره تكبيرا» ثمّ يشرع في نافلة الزّوال و يأتي في
اولييها بالتكبيرات السبع الافتتاحيّة مع أدعيتها و يقرء فيهما التوحيد و الجحد و
يسبّح بعد كلّ ركعتين منها بتسبيح الزّهراء عليها السّلام ثمّ يقول: «اللّهمّ إنّي
ضعيف فقوّ في رضاك ضعفي، و خذ إلى الخير بناصيتي، و اجعل الإيمان منتهى رضاي، و
بارك لي فيما قسمت لي و بلّغني برحمتك كلّ الّذي أرجو منك و اجعل لي ودّا و سرورا
للمؤمنين و عهدا عندك» و يؤذّن للظّهر بعد الستّ و يفصل بين الأذان و الإقامة
بالسابعة و الثّامنة، ثمّ يقيم و يقول بعد الإقامة:
«اللّهمّ ربّ هذه الدّعوة
التامّة و الصلاة القائمة بلّغ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الدّرجة و
الوسيلة و الفضل و الفضيلة، باللّه أستفتح و باللّه أستنجح، و بمحمّد صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم أتوجّه، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد، و اجعلني بهم وجيها
في الدّنيا و الآخرة و من المقرّبين» ثمّ يشتغل بالفريضة جماعة مراعيا لجميع
الآداب الظاهرة و الباطنة كما قدّمناه، فإذا فرغ منها أتى بالتعقيب كما مرّ في
الصبح سوى الأذكار المختصّة به و يزيد على ذلك ما شاء و ينقص ما شاء بقدر إقباله و
ملاله.