اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 0 صفحة : 6
الناصح الناجح، و السالك
العارف الصحيح، و الحكيم البصير الناقد النابه، و الناسك الصالح من اتّبع آل
اللّه، و اقتفى أثرهم، و حذا حذوهم، و لبّى دعوتهم، و اتّخذ بسيرتهم و اقتدى
بهديهم.
و الحكمة البالغة و
الموعظة الحسنة، و العلم النافع، و العرفان التامّ، و الخلق السجحة، و المعالم و
المعارف، و الظرائف و الطرائف، و الغرر و الدّرر. و الأنوار و الأزهار، و العدل و
الصدق، و الورع و التقى، و الحقّ و الحقيقة، و الأصول و الفروع المتّبعة، و الحكم
و الآثار، و الكلم الطيّب، و القول البليغ، و المنطق السليم، و الصوب المستقيم، و
الرأي الصائب، و الفكرة الناضجة، كلّها في مقال إنسان يغترف من بحار علوم آل
اللّه، و يقتبس من تلكم الأنوار، و يتّخذ المعالم من معادنها، و لا يتّبع السبل، و
يقتفي آثار أولئك الأئمّة، و يرى السعادة و الفوز و الفلج في الاقتداء بهم، و
الاستنارة برشدهم، و المضيّ وراء ضوئهم.
فالمتكلّم بغير هداهم أخبط
من حاطب ليل يخبط خبط عشواء، و يختلط الحابل بالنابل، و المصلح بغير هديهم متطلّب
في الماء جذوة نار، و العارف الناسك بغير مناسكهم يتيه في واد السّدر، و السائر
إلى اللّه بغير سيرتهم يضلّ عن رشده، و يقوده الهوى السائد، و يستحوذ عليه
الشيطان، و يجرّ عليه الويلات، و يدخله إلى حضيض التعاسة، و مأزق الشقاء و الدمار،
و يسفّه إلى العار و الشنار.
خذ مثالا يلمسك الحقيقة
باليد كتاب «إحياء العلوم» للغزّالي، و تهذيبه «المحجّة البيضاء» لمولانا الفيض
القاشانيّ.
و نحن لا نمضي إلّا على
ضوء الحقيقة، و نتّبع موازين القسط، و لا نصغي حقّ ذي فضل، و يهمّنا جدّا النزوع
إلى حكم الأدب، أدب العلم و الدّين، أدب الحجاج، أدب الكتاب، أدب المقال، و لسنا
ممّن يبخس الناس أشياءهم، و لا نستسيغ الوقيعة في عالم من الأمّة المسلمة، و
التقوّل و الاجتراء عليه و الغرّة به، و لا يروقنا الكلام في مؤلّف بما يمسّ
كرامته، أو يحطّ شيئا من مكانته، بل نكبر رجال العلم و الفضيلة كائنا من كان، من
أيّ عنصر، من أيّ شعب، من أيّ مذهب، من أيّ بيئة، و نعطي كلّ ذي قدر حقّه،
اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 0 صفحة : 6