و لمّا كان لبعضهم مخالفات
يسيرة في خصوص بعض المسائل مع سائر متكلّمي الإمامية و أهل الفقه و الحديث منهم،
تعرّض متكلّموا الإمامية لجملة منها في أثناء كتبهم و أشاروا إلى من يوافقهم في
تلك المسائل أو يخالفهم.
و الظاهر أنّ الشيخ المفيد
هو أوّل من أشار إلى هذه الاختلافات الكلامية في كتابه المسمّى ب «أوائل المقالات
في المذاهب و المختارات». قال المؤلف[1] في مقدمته: «فإنّي بتوفيق اللّه و مشيئته مثبت في هذا الكتاب ما آثر
إثباته من فرق ما بين الشيعة و المعتزلة و فصل ما بين العدلية من الشيعة و من ذهب
إلى العدل من المعتزلة و الفرق ما بينهم من بعد و ما بين الإمامية فيما اتّفقوا
عليه من خلافهم فيه من الأصول و ذاكر في أصل ذلك ما اجتبيته أنا من المذاهب
المتفرّعة في أصول التوحيد و العدل و القول من اللّطيف من الكلام و ما كان وفاقا
منه لبني نوبخت- رحمهم اللّه- و ما هو الخلاف لآرائهم في المقال و ما يوافق ذلك
مذهبه من أهل الاعتزال و غيرهم من أصحاب الكلام، ليكون أصلا معتمدا فيما يمتحن للاعتقاد»
و قد تعرّض الشّيخ المفيد لآرائهم الكلامية في أثناء كتابه مرّات كثيرة.
و تعرّض تلميذه السّيّد
المرتضى لبعض آرائهم في كتاب الذخيرة و جاء بعدهما شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن
الحسن الطوسي و أشار إلى آرائهم في كتاب تمهيد الأصول في علم الكلام و هو شرح على
القسم النظري من جمل العلم و العمل للسّيّد المرتضى و أيضا الفيلسوف الكبير خواجه
نصير الدين الطوسي في كتاب تلخيص المحصّل و العلامة الحلّي في كشف المراد في شرح
تجريد الاعتقاد و كتاب أنوار الملكوت في شرح الياقوت و جمال الدين مقداد بن عبد
اللّه السّيوري الحلّي في كتاب إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين.
ثم انتشرت آراؤهم في الكتب
الكلامية و ذاعت شهرتهم بين متكلّمي الإمامية و