responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 421

يوافق ما في العقل؟ تريدون به ما يكتفي بالعقل في العلم بوجوبه و حسنه؟ أم تريدون به ما لا يكتفي بالعقل في العلم بوجوبه و حسنه و لكن يكون بحيث لو انكشف للعاقل حاله يحكم بوجوبه او حسنه؟

إن أرادوا الوجه الاوّل، قلنا: ما كلّ ما جاء به الرسل، هذا سبيله و هو أن يكتفي بالعقل في العلم بوجوبه و حسنه.

و إن أرادوا به الوجه الثاني فصحيح، و لا يكون بعثهم بذلك عبثا، لأنّ في بعثهم فائدة و هي أنّا نعلم بورودهم وجوب ما لا يكفي العقل في العلم بوجوبه و إن كان لو أطّلع العقل على حاله لحكم بوجوبه كما سبق.

ما حال ما يأتي به الرسل في شرائعهم من التعبّدات العجيبة، إلّا كحال الأطبّاء فيما يأمرون به المرضى من تناول الأدوية المرّة البشعة التي تنفر عنه الطباع و تعافه النفوس، لأنّ ذلك أيضا ليس مخالفا لقضية العقل، بل هو موافق لها، و لكن موافقة لا يستقلّ العقل بدركها دون الطبيب، من حيث أنّ العقل يقضي بحسن تناول ما ينفع و يدفع أذيّة المرض، بل بوجوبه على الجملة، و لكنّه لا يطلع على ثبوت هذا الوصف فيما يأمر به الطبيب المريض من المداواة، و لو اطّلع عليه لحكم بوجوبه فالطبيب يرشد المريض إليه و يبيّن له أنّ تناول ذلك الدواء نافع له دافع عنه مضرّة مرضه ثمّ عند ذلك يقضي العقل بوجوبه تعيينا.

كذلك العقل يقضي بأن ما يدعونا إلى الخير و يصرفنا عن الشّر حسن بل واجب، و أن ما يصرفنا عن الخير و يدعونا إلى الشرّ قبيح، و لكنّه لا يطّلع على ثبوت هذين فيما يأمرنا به الشرع و ينهانا عنه، و لو أطّلع عليه لحكم بوجوب البعض و قبح البعض. فالنبيّ يبيّن لنا ثبوت هذين الوصفين فيما يأمرنا به الشرع و ينهانا عنه على الجملة أو على التعيين، ثمّ عند ذلك يقضي العقل بوجوب ما يأمرنا به الشرع و قبح ما ينهانا عنه تعيينا. فعلى هذا التقرير، الأنبياء عليهم السلام أطبّاء الأديان، كما انّ الأطبّاء أطبّاء الأبدان.

اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 421
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست