بين المعتاد و الممكن و
بين ما ليس بمعتاد، و لا بين ما ينفذ فيه حيلة و بين ما لا ينفذ فيه حيلة، إلّا أن
يجوب البلاد شرقا و غربا يعرف قوى جميع الخلق. فأمّا إذا سلّم أن يعلم باضطرار
المعتاد و غيره و ما لا ينفذ فيه حيلة و ما ينفذ فيه الحيلة لزمه النظر في
المعجزات قبل أن يجوب البلاد شرقا و غربا، و لا يحتاج في معرفة كون المعجز معجزا
إلى ما ذكره من معرفة قوى الخلق و طبائع الجواهر. و على هذا لو ادّعى واحد النبوّة
و جعل معجزه انّه يجذب الحديد بالتراب و جذب و علمنا أنّه ليس فيه وجه حيلة، فأنّا
نعلم بذلك صدقه قبل أن نجوب البلاد و نعرف جميع الطبائع».
و ذكر أبو إسحاق: «أنّ ما
يذكر في خصائص بعض هذه الأحجار كذب، و ذكر أنّ واحدا أمر فجيء بالأفاعيّ في سبد و
جعل الزمرد الفائق في رأس قبصة و وجّه به أعين الأفاعيّ، فلم تسلّ. و على أنّ جميع
ما ذكروه يسقط بما شرطناه، في المعجز بأن يفتّش عنه أهل البصر، و من تقوى دواعيه
إلى كشف عواره الزمان الطويل، فلا يقف فيه على وجه حيلة. و فيما ذكروه من الحيل و
السحر ما هو معتاد ظاهر لأكثر الناس، كحجر المغناطيس أو يوقف فيه على جميع وجوهه
إن لم يكن معتادا ظاهرا.
شبهة البراهمة
إن قالوا: ما تقولون إنّ
اللّه يبعث الرسل به من الشرائع. لا يخلو من أن يكون موافقا لما في العقول أو
مخالفا لما فيها. و إرسالهم بما يخالف ما في العقول قبيح، لأنّ ما يخالف العقل
قبيح، و إرسالهم بما يوافق ما في العقول عبث لا يجوز عليه تعالى لأنّ العقول قد
أغنت عنهم في ذلك.
و الجواب عن هذه الشّبهة
أن يقال: لا نخالفكم في أنّه تعالى لا يبعث الرسل بما يخالف ما في العقل. و أمّا
إرسالهم بما يوافق ما في العقول، فما تريدون بما