مزيّة بالاقتدار في
الشاهد، إنّما هو إمّا صحّة الفعل من أحد الحيّين و تعذّره على الحيّ الآخر مع
تماثلهما في حقيقة ذاتيهما و تساويهما في سائر الصفات. و هذا مفقود في حقّه تبارك
و تعالى، إذ لا مثل له، و إمّا صحّة الفعل من حيّ واحد في حال دون حال مع تساوي
حاليه في كونه حيّا و حاصلا على الصفات الاخر، و هذا أيضا مفقود فيه تبارك و
تعالى، فصحّ أن لا طريق إلى إثبات هذه المزيّة في حقّه.
فإن قيل: أو ليس لم يصحّ
أن يفعل تبارك و تعالى فيما لم يزل و صحّ أن يفعل فيما لا يزال، و هذه هي الطريقة
الثانية التي أشرتم إليها، من صحّة الفعل من حيّ واحد في بعض الحالات دون بعض.
قلنا: معاذ اللّه أن نقول:
صحّ منه الفعل بعد أن لم يصح، بل الحقّ الصحيح أنّه صحّ منه أن يفعل أبدا، و ليس
لصحّة الفعل منه مفتح و مبدأ منه نشأت الصحّة.
فإن قيل: فيلزمكم على هذا
أن يصحّ وجود الفعل لم يزل، و هذا محال.
قلنا: إنّما تصحّ منه
الفعل و أن يفعل، و الفعل من حقّه أن يكون مخرجا من العدم إلى الوجود، فيكون
مسبوقا بعدمه و متأخّرا عن فاعله، و يكون فاعله متقدّما عليه، فكيف يلزم صحّة
أزليّة الفعل. و إن أردت فافصح عن هذا المعنى و قل: القادر القديم الذي هو موجود
لا عن عدم صحّ منه هو وجود عن عدم أبدا، فيظهر منه أنّه لا يلزم منه أزليّة الفعل.