القول في الأعواض و بيان
ثبوت العوض فيما يفعله تعالى من الآلام و فيما يأمر به غيره أن يفعله أو يبيحه إذا
لم يكن مستحقّا و لا جاريا مجرى فعل غيره و فيما يفعله الظالم بغيره
اعلم أنّه تعالى إذا آلم
حيّا غير مستحق للإيلام و لم يكن إيلامه كأنّه من جهة غير اللّه تعالى، كمن يلقيه
أحدنا في النار فيحترق و يتألم بها، فانّ احتراقه و تألّمه و إن كان من فعل اللّه
تعالى فهو كأنّه من جهة غيره عزّ و جلّ، و هو الملقي الذي ألقاه في النار، فانّه
لا بدّ من أن يعوّضه على ذلك أعواضا موفية على إيلامه بمنافع للخير[1] عند الشيوخ أو بما يقوم مقامها من دفع
المضارّ، على ما اخترته أنا و أشرت إليه فيما تقدّم و أحلت بتمام شرحها على
المسألة التي أمليتها في الأعواض، ليخرج إيلامه تعالى من أن يكون ظلما عليه، إذ لو
لم يضمن في مقابلته العوض الذي ذكرناه لكان إيلامه ظلما قبيحا لحصول حقيقة الظلم
فيه، و قد ذكرنا أنّه لا يكفي في حسن ذلك الإيلام العوض، بل لا بدّ من أن يكون فيه
مع ذلك العوض لطف للمكلّف ليخرج بحصول اللطف فيه من كونه عبثا و بالعوض من كونه
ظلما، فيحسن حينئذ. و إذا وجب فيما يفعله تعالى أن يكون حسنا، و بيّنا أنّه لا وجه
لحسن إيلامه الذي وصفناه إلّا ما ذكرناه ثبت أنّه إنّما من يؤلمه بالألم الذي
ذكرناه لذلك.