responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 242

تعريض للثواب الذي وصفناه.

و إنّما قلنا: «لا يحسن إيصال الثواب إلّا بوسيلة التكليف» من حيث علمنا انّه يقبح من أحدنا أن يعظم صبيّا يأخذه من قارعة الطريق على حدّ ما يعظم إماما من أئمة المسلمين. و إنما يقبح ذلك، لأنّه لا يستحقّ ذلك التعظيم، و لا يجوز أن تكون المنفعة التي يضمنها تبارك و تعالى في مقابلة التكليف بصفة العوض او التفضّل، لأنّه لو كان كذلك لكان يحسن الابتداء به من غير تكليف، فيقبح التكليف له. كمن يستأجر أجيرا لينقل التراب من مزبلة إلى مزبلة أو الماء من أوّل الساقية إلى آخرها، أو من آخرها إلى أوّلها، و لا غرض له في ذلك إلّا إيصال الاجرة إليه.

فإن قيل: إذا كان الثواب الذي عرّض المكلّف له في مقابلة المشقّة التي تلحقه بامتثال التكليف كان جاريا مجرى الاجرة عليها و حسن الاستيجار موقوف على التراضي، فكيف يحسن منه تعالى التكليف من دون رضا المكلّف؟

قلنا: إنّما يراعى التراضي فيما يختلف أحوال العقلاء فيه، كالاجرة على العمل الشاقّ فانّه قد يؤثر عاقل عملا شاقا بمقدار معيّن من الاجرة، و غيره من العقلاء لا يرضى بذلك المقدار من الأجرة في مثل ذلك العمل. فأمّا إذا كانت المنافع كثيرة عظيمة بحيث لا يختلف العقلاء فيه لكثرتها و خاصّة لاقترانها بالتعظيم و التبجيل حتّى تسفه من لا يختار تحمّل المشاقّ للوصول إلى مثل تلك المنافع فانّه يصحّ أن يختاره تعالى لعبده من دون رضاه.

فإن قيل: إذا بنيتم أن في التكليف وجه حسن، و هو كونه تعريضا للثواب، فبيّنوا أنّه ليس فيه وجه من وجوه القبح، لأنّ الفعل لا يحسن عندكم، و إن ثبت فيه وجه حسن أو عدّة من وجوه الحسن حتّى ينتفي عنه وجوه القبح.

قلنا: لو كان فيه وجه من وجوه القبيح لكان قبيحا، و لو قبح لما فعله اللّه تعالى.

اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست