responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 239

و شكر يستحقّهما، أو توقّع ثواب أو جزاء أو مكافاة من جهة ذلك الغير، لو لا ذلك لما كان يفعله و لا يتحقّق بذلك كونه منعما عليه. إنّما المنعم في الحقيقة هو الذي يفيض من ذاته الخير على الغير لا لغرض على ما يقوله الفلاسفة.

قلنا: ما يقولونه حدس باطل و بيانه أنّا إذا فرضنا واحدا سقط من موضع عال، فيقع على عدوّ لإنسان فيقتله من دون قصد منه إلى ذلك لا يعدّ منعما على ذلك الغير. و لو أرسل واحد حجرا على غيره ليقتله أو يضرّه فدفع إنسان ذلك الحجر و قصده دفع الضرر عن الغير، لكان منعما عليه بلا شكّ و ريب، فما قالوه عكس الواجب.

ثمّ نقول للسائل: ما تقول فيمن ينفع الغير أو يدفع عنه ضررا و لا يكون له في ذلك غرض راجع إليه بوجه من الوجوه؟ و إنّما غرضه الإحسان إلى الغير، ليكون منعما عليه أو لا يكون منعما على هذا التقدير؟ لا يمكن أن يقال لا يكون منعما فيجب أن يكون منعما. إذا تقرّر أنّ من وصفناه يكون منعما فهكذا نقول فيما فعله اللّه تعالى بالعبيد.

فإن قيل: أ ليس الخلائق كما ينتفعون بضروب المنافع فكذلك يستضرّون بضروب الآفات و المحن، و الكافر زائدا على ذلك يستضرّ بعقوبة الآخرة، فكيف تقولون إنّه خلقهم لنفعهم؟

قلنا: لا يمكن دفع منافع الحيوانات التي ينتفعون بها و شرف تلك المنافع و عظم قدرها، حتى أنّ أكثر أصحاب البلاء و الأمراض و الأسقام و الفقراء لما أشعروا [1] بالموت و مفارقة الحياة الدنيا فرقوا من ذلك فرقا عظيما، و أكثرهم يتمنون و يودّون أن يبقوا على ما هم عليه و لا يموتوا، فكيف ينكر عظم موقع المنافع المعجلة. و أمّا المحن التي تنزل بهم، فانّها في الحقيقة منح من اللّه تعالى‌


[1] م: اذ يشعروا.

اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست