أمّا حسنه فظاهر، و ذلك
لأنّه لا شكّ في أنّ اللّه تعالى خلق الخلق و لخلقه ابتداء و هو لا يجوز أن تعرى
أفعاله من الحسن و القبح، لأنّه تعالى عالم لذاته يستحيل عليه السهو و الغفلة، و
إنّما يتقدر في أفعال الساهي و النائم ذلك. و قد ثبت أنّه تعالى لا يفعل القبيح،
فيجب أن يكون حسنا.
أمّا وجه حسنه: فهو أنّه نعمة على الأحياء و إحسان إليهم. و ذلك لأنّ ما خلقه تعالى
لا يخلو من أن يكون حيوانا أ غير حيوان، و غير الحيوان خلقه لنفع الحيوان، و
الحيوان ينقسم إلى مكلّف و غير مكلّف. و المكلّف خلقه لنفسه، و غير المكلّف خلقه
أيضا لنفسه و لانتفاع المكلّف به على ما قال تعالى:
«خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»[1] و المنافع التي خلق اللّه تعالى الخلق لها ثلاثة: التفضّل و العوض و
الثواب. فالمكلّف منفوع بالأنواع الثلاثة.
و لا يعترض على إطلاقنا
هذا بالكافر، فانّه مكلّف و ليس منفوعا بالثواب.
و ذلك لأنّه في حكم
المنفوع به لكونه معرضا له، و إنّما لا يصل إليه بسوء اختياره. و غير المكلّف
منفوع بالتفضّل و العوض، دون الثواب.