responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 205

من العاصي الطاعة مع فقد قدرته عليه؟ و إن قالوا: إنما يتوقّع من العاصي الطاعة بتقدير أن يكون فيه القدرة عليها. قلنا: فكذلك يتوقّع من العاجز و الزّمن العدو بتقدير وجود القدرة عليه فيهما.

و منها: إن قالوا: العاصي تارك للطاعة، و العاجز و الزّمن ليسا تاركين للعدو قلنا: ما معنى قولكم: الكافر تارك للإيمان؟ أ تعنون به أنّه كان في وسعه و قدرته أن يؤمن فتركه؟ فهذا بخلاف مذهبكم أو تعنون أنّه لم يكن في وسعه الإيمان، لكنّه مع ذلك تركه؟ فنقول: إن جاز ذلك فليجز أن يكون العاجز و الزّمن تاركين للسعي و العدو، و قد ورد السمع مؤكّدا لما ذكرنا في قوله تعالى:

«لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» [1]، و «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» [2]، و الشرع ما أوجب القيام في الصلاة على الزمن و الممنوع منه و لا أوجب الزكاة إلّا على مالك النصاب و الحجّ إلّا على المستطيع.

احتجّوا في أنّ اللّه تعالى كلّف عباده ما لا يطيقونه بقوله تعالى: «أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» [3]، فكلّفهم أن يخبروه بأسماء ما كانوا عالمين بها، و لا طريق لهم إلى علمها، و ذلك تكليف ما لا يطاق.

و الجواب عن ذلك: أنّ ذلك ليس تكليفا، و إنما هو تقرير عليهم عجزهم و قصورهم علمهم بالأسماء، و أنّه تعالى هو العالم بكلّ شي‌ء دونهم و تحد لهم بذلك، و لهذا قال تعالى: «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ»، و لذلك لم يوصف الملائكة لمّا لم يخبروه تعالى بالأسماء بأنّهم عصاة.


[1] البقرة: 286.

[2] التغابن: 16.

[3] الأنعام: 143.

اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 205
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست