إن قال قائل: إذا ذهبتم
إلى أنّ العباد هم الفاعلون لتصرّفاتهم، و نفيتم نسبة القبائح الواقعة منهم عن
اللّه تعالى، فهل تصفونه تعالى بأنّه يقدر على أعيان مقدوراتهم؟
قلنا: قد اختلف شيوخ أهل
العدل في هذه المسألة، فذهب في الأوّلين أبو الهذيل و أبو يعقوب الشحّام، و في
المتأخّرين أبو الحسين البصريّ و من تبعه و وافقه إلى أنّه تعالى يقدر على أعيان
مقدورات العبادة و ذهب جماهير أهل العدل إلى أنّه تعالى لا يقدر على أعيان مقدورات
العباد، و إنّما يقدر من جنس ما يقدر عليه العبد، على ما لا نهاية له.
و استدلّ من وصفه تعالى
بالاقتدار على أعيان مقدورات العباد، بأنّ قال:
اللّه[1] تعالى قادر لذاته، و القادر لذاته،
يجب أن يقدر على كلّ ما يصحّ كونه مقدورا، و مقدورات العباد يصحّ كونها مقدورات،
فيجب اقتداره تعالى عليها، كما أنّه تعالى لمّا كان عالما لذاته وجب أن يعلم جميع
المعلومات، فلا يخرج عن علمه، شيء منها.
و أجاب من منع من ذلك بأن
قال: إنّما يجب أن يقدر القادر لذاته على