responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 185

إبليس كان، و ما شاء اللّه لم يكن، و هذا بخلاف ما أجمع عليه المسلمون من قولهم «ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن».

و الجواب عن ذلك أن نقول: أ ليس بالاتفاق ما كان ما أمر اللّه تعالى به الكافر و العاصي من الإيمان و الطاعة و كان ما أمرهما به إبليس بطريق الوسواس أ فيصح أن يقال: ما أمر به إبليس كان و ما أمر اللّه به لم يكن؟ و كذلك أو ليس اللّه تعالى ما أحبّ الكفر و المعصية و ما رضي بهما، و إبليس أحبهما و رضي بهما، و لا يقال: كان ما أحبّه إبليس و رضيه و لم يكن ما أحبه اللّه تعالى و رضيه، و إنّما لا يقال ذلك في هذه الصور لأنّ ذلك يقتضي المغالبة و القهر و أنّه تعالى قد قهر و غلب. فأمّا إذا ازيل الإبهام في جميع ذلك بأن يقال ما أراده تبارك و تعالى و أحبّه و أمر به و رضيه لو وقع من العبد على طريق الاختيار لا على طريق الإكراه ما حصل من العبد بسوء اختياره لنفسه، و ما أراده إبليس ممّا وافقت إرادته إرادة العبد من المعاصي التي يشتهيها، وقع لشهوته لها لصحّ ذلك القول و حسن من حيث لم يكن فيه إيهام المغالبة، على أنّ التشنيع الذي ألزموناه منقلب عليهم بأن يقال لهم: على قولكم وافقت إرادة إبليس إرادة اللّه تعالى، لأنّه أراد من الكافر الكفر و من العاصي المعصية و اللّه تعالى أرادهما على مذهبكم، و إرادة النبيّ خالفت إرادة اللّه تعالى، لأنّه عليه السلام لم يرد من الكافر و العاصي الكفر و المعصية.

فأمّا قول المسلمين: «ما شاء اللّه كان و ما لم يشاء لم يكن» لو سلّمنا حصول الإجماع فيه، لكان المراد به: «ما شاء اللّه من فعل نفسه او من فعل غيره على سبيل الإكراه كان، و ما لم يشاء من مقدور نفسه أو من غيره على سبيل الإكراه لم يقع. و ذلك لأنّ غرض من يطلق هذا القول مدحه تعالى و الثناء عليه، و إنّما يحصل هذا الغرض بأن يقول معناه ما ذكرناه، لدلالته على أنّه تعالى ممّن لا يغلب و لا يقهر، و إلّا فأي مدحة في أن ما يكون ما شاءه من سوء الثناء عليه،

اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست