responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 117

كان حاصلا من طريق الإدراك. و الذي جوّزناه في حقّ الأعمى لو حصل فيه لم يكن حاصلا من طريق الإدراك، فلهذا لم يتفرّع على ذلك الأصل، و إلّا يمتنع في أحد العلمين أن يكون فرعا على الآخر إذا كان من طريق مخصوص، و مهما حصل لا من ذلك الطريق لم يكن فرعا عليه. و بيانه أنّ العلم بالصانع تعالى إذا كان من طريق الاستدلال يتفرّع على العلم بحدوث أفعاله، فلا يحصل من دون العلم بحدوث أفعاله. فأمّا لو خلق اللّه فينا، كما في أهل الآخرة، لما كان فرعا على العلم بحدوث أفعاله.

فإن قيل: أ لستم تجوّزون في مقدوره تعالى أن يقلب ماء دجلة و الفرات زيبقا أو ذهبا أو دما عبيطا؟ أو تجوّزون أن يقلب الجبال ذهبا أو فضّة؟ و مع ذلك قطعتم على أنّ شيئا من ذلك ما وقع؟ فلم لا يجوز أن يكون كذلك في مسألتنا؟ حتّى يجوز أن يكون بحضرتنا في بعض الأوقات مدرك جليّ لا يخلق اللّه و تعالى فينا الإدراك المتعلّق به و إن كنّا الآن عالمين بأنّه لم يحضرنا مدرك سوى ما أدركناه.

قلنا: علمنا بانتفاء انقلاب ماء دجلة و الفرات ذهبا أو دما و ما أشبه ذلك ممّا ذكرته لم يبتن على العلم بأنّ ذلك غير مقدور، حتّى إذا قلنا إنّه مقدور للّه تعالى يلزمنا تجويز أن يكون ذلك حاصلا، بل إنما علم انتفاء هذه الامور من كان حاضرا عند دجلة و الفرات بالعيان و المشاهدة. و من غاب منهما فمنهم من قال بأنّ هذا خرق العادة فلا يجوز في غير زمان الأنبياء، و من جوّز خرق العادة في غير زمان الأنبياء- و هو الصحيح- فأنّما علم انتفاء هذه الامور من حيث أنّه لو وقع شي‌ء من ذلك لكان النقل به مستفيضا شائعا ذائعا، لأنّه كان يكون كأعجب ما يتّفق، فكانت الدواعي موفّرة إلى نقلها. فلمّا لم ينقل ذلك علم أنّه لم يكن شي‌ء من ذلك. و ليس كذلك العلم بانتفاء ما لا ندركه من المدركات الجليّة، لأنا قد علمنا أنّا إنّما نعلم ذلك من طريق الإدراك، و أنّه مبنيّ على‌

اسم الکتاب : المنقذ من التقليد المؤلف : الحمصي الرازي، سديد الدين محمود    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست