responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الملل و النحل المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 62

و جماعة يرجئون أصحاب الكبائر. و لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، و هم مرجئة الأمة. فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا؟

فتفكر الحسن في ذلك، و قبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقا، و لا كافر مطلقا، بل هو في منزلة بين المنزلتين،: لا مؤمن و لا كافر. ثم قام و اعتزل إلى أسطوانة [1] من أسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن. فقال الحسن: اعتزل عنا واصل. فسمّي هو و أصحابه معتزلة [2].

و وجه تقريره أنّه قال: إن الإيمان عبارة عن خصال خير إذا ما اجتمعت سمي المرء مؤمنا و هو اسم مدح. و الفاسق لم يستجمع خصال الخير و لا استحق اسم المدح، فلا يسمى مؤمنا و ليس هو بكافر مطلقا أيضا، لأن الشهادة و سائر أعمال الخير موجودة فيه، لا وجه لإنكارها، لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير


[1] الأسطوانة: العمود أو السارية.

[2] هل هذا أول استعمال لهذه الكلمة؟ و هل هذا أول إطلاق لها؟ و هل كان واصل و أصحابه أول فرقة تسمّت بها؟ أم أن هذه الكلمة كانت تطلق قبل هذا على غير واصل و أصحابه؟ و إنها كانت تطلق في هذا العصر على جماعة من المسلمين؟

تشير بعض المراجع التاريخية القديمة، إلى أن هذه التسمية كانت تطلق على الجماعة الذين اعتزلوا فريقي المحاربين من أنصار الإمام علي و معاوية، و أنهم آثروا البعد عن الفريقين تجنبا لإثارة نار الفتن و إشعالها بين المسلمين. فهذا أبو الفداء يذكر في تاريخه (أخبار أبي الفداء 1: 180) عند كلامه على الحوادث الخاصة بالسنة الخامسة و الثلاثين من الهجرة، بعض الأشخاص الذين لم يريدوا مبايعة الإمام علي مع أنهم ليسوا من شيعة عثمان، ثم يقول عنهم: «و سموا هؤلاء (المعتزلة) لاعتزالهم بيعة علي».

و نرى أيضا صاحب «الأغاني» عند كلامه على أيمن بن عبد خريم «ج 20 ص 321 طبعة دار الكتب العلمية شرح عبد الأمير علي مهنا»، يقول: و كان أيمن يتشيّع و كان أبوه أحد من اعتزل حرب الجمل و صفّين و ما بعدهما من الأحداث فلم يحضرها.

و في تاريخ الطبري ما يشير إلى ما أشار إليه كل من أبي الفداء و صاحب الأغاني من أن هذه التسمية باسم (المعتزلة) كانت تطلق على الجماعة التي اعتزلت الفريقين المتحاربين من المسلمين. فهو عند ذكره لحوادث السنة السادسة و الثلاثين من الهجرة إن «قيس بن سعد كتب إلى علي يقول: إن قبلي رجالا معتزلين، قد سألوني أن أكفّ عنهم و أن أدعهم على حالهم حتى يستقيم أمر الناس». و هذا الإطلاق لهذه الكلمة كان كما هو واضح إطلاقا سياسيا.

اسم الکتاب : الملل و النحل المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست