و قد اشتمل ذلك على أسفار.
فيذكر مبتدأ الخلق في السفر الأول. ثم يذكر الأحكام و الحدود، و الأحوال و القصص،
و المواعظ و الأذكار في سفر سفر.
و أنزل عليه أيضا الألواح
على شبه مختصر ما في التوراة؛ تشتمل على الأقسام العلمية و العملية. قال اللّه
تعالى: وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
مَوْعِظَةً[1] إشارة إلى تمام القسم العلمي وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ[2] إشارة إلى تمام القسم العملي.
قالوا: و كان موسى عليه
السلام قد أفضى بأسرار التوراة و الألواح إلى يوشع بن نون وصيه و فتاه القائم
بالأمر من بعده ليفضي بها إلى أولاد هارون، لأن الأمر كان مشتركا بينه و بين أخيه
هارون عليهما السلام. إذ قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام في دعائه حين أوحى
إليه أولا: وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي[3] و كان هو الوصي. فلما مات هارون في حال حياة موسى انتقلت الوصية إلى
يوشع[4] بن نون وديعة ليوصلها إلى شبير و شبر[5] ابني هارون قرارا. و ذلك أن الوصية و
الإمامة بعضها مستقر، و بعضها مستودع.
و اليهود تدعي أن الشريعة
لا تكون إلا واحدة. و هي ابتدأت بموسى عليه السلام و تمت به. فلم تكن قبله شريعة
إلا حدود عقلية، و أحكام مصلحية.
و لم يجيزوا النسخ أصلا.
قالوا: فلا يكون بعده شريعة أصلا؛ لأن النسخ في الأوامر بداء، و لا يجوز البداء
على اللّه تعالى.
[3] سورة طه: الآية 32.
و أشركه في أمري: في النبوة و تبليغ الرسالة. (راجع القرطبي 11: 194 و مجمع البيان
4: 9).
[4] يوشع بن نون: من
أنبياء بني إسرائيل بعثه اللّه نبيا فدعا بني إسرائيل و أخبرهم أنه نبي و أن اللّه
قد أمره أن يقاتل الجبارين فبايعوه و صدقوه و خرج في الناس يقاتل الجبارين و هزمهم.
(الطبري 1: 227).
[5] قال ابن خالويه:
شبر و شبير و مشبر هم أولاد هارون عليه السلام و معناها بالعربية حسن و حسين و
محسن. و في مسند أحمد مرفوعا: إني سميّت ابني باسم ابني هارون، شبر و شبير.
الملل و النحل ج1
252 الفصل الأول اليهود خاصة ..... ص : 250