أصحاب ثعلبة[3] بن عامر، كان مع عبد الكريم بن عجرد
يدا واحدة إلى أن اختلفا في أمر الأطفال فقال ثعلبة: إنا على ولايتهم صغارا و
كبارا حتى نرى منهم إنكارا للحق و رضا بالجواز، فتبرأت العجاردة من ثعلبة، و نقل عنه
أيضا أنه قال:
ليس له حكم في حال الطفولة
من ولاية و عداوة، حتى يدركوا و يدعوا. فإن قبلوا فذاك، و إن أنكروا كفروا. و كان
يرى أخذ الزكاة من عبيدهم إذا استغنوا، و إعطاءهم منها إذا افتقروا.
[1] غير أن أهل السنّة
ألزموا الحازمية على قولها بالموافاة أن يكون علي و طلحة و الزبير و عثمان من أهل
الجنة، لأنهم من أهل بيعة الرضوان الذي قال اللّه تعالى فيهم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ
تَحْتَ الشَّجَرَةِ و قالوا لهم: إذا كان الرضا من
اللّه تعالى عن العبد إنما يكون عن علم أنه يموت على الإيمان وجب أن يكون
المبايعون تحت الشجرة على هذه الصفة. و كان علي و طلحة و الزبير منهم و كان عثمان
يومئذ أسيرا فبايع له النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و جعل يده، بدلا عن يده، و صحّ
بهذا بطلان قول من أكفر هؤلاء الأربعة. (راجع الفرق بين الفرق ص 94- 95).
[2] راجع في شأن هذه
الفرقة. (الفرق بين الفرق ص 100 و مقالات الإسلاميين و التبصير ص 33).
[3] سمّاه عبد القاهر
في الفرق بين الفرق: ثعلبة بن مشكان. و الأشعري لم يزد عن: «ثعلبة». و في خطط
المقريزي هو كما ذكره المؤلف هاهنا.
و روى المقريزي و عبد
القاهر البغدادي و الأسفراييني سبب اختلاف ثعلبة مع ابن عجرد فقالوا ما ملخصه: أن
رجلا من العجاردة خطب إلى ثعلبة بنته، فقال له: بين مهرها فأرسل الخاطب امرأة إلى
تلك البنت يسألها هل بلغت البنت؟ فإن كانت قد بلغت و قبلت الإسلام على الشرط الذي
تعتبره العجاردة لم يبال كم كان مهرها. فقالت أمّها: هي مسلمة في الولاية بلغت أم
لم تبلغ. فأخبر بذلك عبد الكريم بن عجرد و ثعلبة فاختار عبد الكريم البراءة من
الأطفال قبل البلوغ. و قال ثعلبة: نحن على ولايتهم صغارا و كبارا إلى أن يبين لنا
منهم إنكار للحق. فلما اختلفا في ذلك برئ كل واحد منهما من صاحبه و صار ثعلبة
إماما.