responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 142

و ذلك قوله عز و جل: فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‌ [سورة العنكبوت: 40].

و قال الرب على مفتتح أهل السفينة و إجرائها و إهلاك الكفرة، و استقرار السفينة و استوائها، و توجه أوامر التسخير إلى الأرض و السماء، بقوله تعالى: وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها، إلى قوله: وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‌ [سورة هود: 41- 44].

و أنبأ عن الموت و حسرة الفوت، و الدار الآخرة و ثوابها و عقابها و فوز الفائزين، و تردي المجرمين، و التحذير من التغرير بالدنيا، و وصفها بالقلة بالإضافة إلى دار البقاء: بقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ [سورة آل عمران: 185] الآية.

و من أقسام الكلام البليغ قص القصص من غير انحطاط عن الكلام الجزل، و معظم البلغاء يعلو كلامهم ما شببوا، فإذا لابسوا حكايات الأحوال جاءوا بالكلام الرث و القول المستغث، و إن حاولوا كلاما جزلا، لم يدرك الكلام مقصده من المعنى.

و هذه قصة يوسف صلى اللّه عليه و سلّم، مع اشتمالها على الأمور المختلفة، و المؤتلفة مسرودة، على أحسن نظام و أبلغ كلام متناسقة الأطراف، متلائمة الأكناف، كأن آياتها آخذ بعضها برقاب بعض. ثم القصص لا تخلو عن التردد و التكرار سيما إذا اتحدت المعاني، و ما لنا نكلف أنفسنا في هذا المعتقد نزف بحر لا ينقص!

و من صدق الآيات على بلاغة القرآن اعتراف العرب قاطبة بها، صريحا و ضمنا؛ فمنهم من اعترف و أفصح، و منهم من سكت و صمت و لو كان في القرآن ما يجانب الجزالة، لكان أحق الناس بالتعريض لنسبته إلى الركاكة أهل اللسان.

فإن قيل: هل في القرآن وجه من الإعجاز غير النظم و البلاغة؟ قلنا: أجل فيها وجهان معجزان:

أحدهما الإنباء عن قصص الأولين على حسب ما ألقي في كتب اللّه تعالى المنزلة، و لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم ممن عانى تعلما و مارس تلقف كتاب. و كان ينشأ بين ظهراني العرب، و لم تعهد له خرجات يتوقع فيها تلقف علم و دراسة كتاب، و كان في ذلك أصدق آية على صدقه.

و اشتمل القرآن على غيوب تتعلق بالاستقبال و الإخبار عن المغيب، قد يوافق كرّة أو كرّتين، فإذا توالت الأخبار كانت خارقة للعادات. فمن غيوب القرآن قوله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُ‌ [سورة الإسراء: 88] الآية، و قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا [سورة البقرة: 24] و قوله تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ‌ [سورة الفتح: 47]، و قوله تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ‌ [سورة الروم: 1] و قوله تعالى: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً [سورة الفتح: 20]، إلى غير ذلك مما يطول تعداده.

اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست