responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 124

أحدها إثبات جواز انبعاث الرسل ردا على البراهمة؛ و الثاني المعجزات و شرائطها، و فيه تبيين تمييزها من الكرامات و السحر، و ما يتميز به مدعي النبوءة؛ و الثالث في إيضاح وجه دلالة المعجزة على صدق الرسول؛ و الرابع في تخصيص نبوة نبينا محمد صلى اللّه عليه و سلّم بالآيات، و الرد على منكريها من أهل الملل؛ و الخامس الكلام في أحكام الأنبياء. و ما يجب لهم و ما يجوز عليهم.

فصل‌

قد أنكرت البراهمة النبوءات، و جحدوها عقلا، و أحالوا ابتعاث بشر رسولا. و نحن نذكر ما يعتقدونه من شبههم، و نتفصى عنها أولا. فمما يسترحون إليه أن قالوا: لو قدرنا ورود نبي لم يخل ما جاء به من أن يكون مستدركا بقضية العقل، أو لا يكون مستدركا بها. فإن كان ما جاء به مما يوصل العقل إليه، فلا فائدة في ابتعاثه، و ما يخلو عن غرض صحيح عبث و سفه، و إن كان ما جاء به مما لا يدل عليه العقول، فلا يتلقى بالقبول، فإنما المقبول مدلول العقول.

و شبه البراهمة مبنية على تحسين العقول و تقبيحها، و لو نازعناهم في ذلك لم تستمر لهم شبهة و لكنا نسلم لهم جدلا يقتضيه العقل، و أن لا يكون مستدركا هذا الأصل، و نبين بطلان ما يعولون عليه مع تسليمه، فنقول:

لا يمتنع تأكيد أدلة العقول بما جاء به الرسول، و هذا بمثابة قيام أدلة عقلية على مدلول واحد، و إن كان الاكتفاء يقع بدلالة واحدة فلا نجعل ما عداها عبثا. ثم لا يمتنع أن يقع في معلوم اللّه تعالى أن الرسول إذا ابتعث كان ابتعاثه لطفا في الأحكام العقلية، و ينتدب العقلاء لها عند إرسال الرسول، فإذا لم يمتنع ما قلناه بطل ادعاؤهم بخلو الابتعاث عن غرض.

ثم نقول: لم زعمتم أن ما جاء به الرسول صلى اللّه عليه و سلّم إذا لم يكن مدلول العقل كان باطلا؟ و بم تنكرون على من يزعم أن ذلك يجري مجرى ما لو تقدم عليل إلى طبيب يسائله عما يصلح له، فهو على الجملة يعلم أن المبتغى ما يشفيه، و لكن لا يتعين له ما فيه شفاؤه، و الطبيب ينص له على ما يشفيه.

و كذلك المبعوث إليهم لا يتعين لهم قبل البعثة ما يصلحهم مما يبتعث الرسول فيه، فإذا أرسل نص على المراشد و أوضح مناهج المقاصد.

و يقال لهم: لم زعمتم أن العقول تغني عن ابتعاث الرسول صلى اللّه عليه و سلّم؟ فهلا جوزتم إرسال الرسل لتبيين الأغذية و الأدوية، و تمييزها عن السموم المؤذية و الأنبتة المضرّة، و شي‌ء من ذلك لا يستدرك عقلا؟ فإن قالوا: أطول التجارب يرشد إلى هذه المذاهب، قلنا: عدم التجارب إلى استقرارها يفضي إلى المعاطب و اقتحام المضار. و لو ثبت الإرشاد أولا، لما مست الحاجة إلى معاطات السموم و تمييزها عما عداها.

اسم الکتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد المؤلف : الجویني، عبد الملك    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست