responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 62

وردك واحد، و هو ملازمة الذكر. و ما أراك تكون كذلك، فإن ذلك من أعز الأمور. فإن لم تكن والها مستهترا، فعليك أن ترتب أورادك، فأحد الأوراد هو من وقت انتباهك من النوم، إلى طلوع الشمس. و ينبغي أن تجمع في هذا الوقت الشريف بعد الفراغ من الصلاة بين الذكر و الدعاء و القراءة و التفكير، فإن لكل واحد أثرا آخر في تنوير القلوب، و تعرف كيفية ذلك و تفصيله من كتاب بداية الهداية و كتاب ترتيب الأوراد. و كذلك تفعل بين الطلوع و الزوال، و بين الزوال و الغروب و بين الغروب و العشاء، فإنها من أشرف الأوقات؛ لأن النشاط إنما يتوفر بأن تميّز ورد كلّ وقت، لتكون في كل وقت عبادة أخرى تنتقل من بعضها إلى بعض. هذا إن كنت من العبّاد، فإن كنت معلّما أو متعلما أو واليا، فالاشتغال بذلك أولى في بياض النهار، و أفضل من العبادات البدنية، لأن أصل الدين العلم الذي به يحصل التعظيم لأمر اللّه سبحانه، و النفع الذي يصدر عن الشفقة على خلق اللّه تعالى. و كذلك إن كنت معيلا محترفا، فالقيام بحق العيال بكسب الحلال أفضل من العبادات البدنية. و لكن في جميع ذلك لا ينبغي أن تخلو و تنفكّ عن ذكر اللّه تعالى، بل تكون كالمستهتر بمعشوقه، المدفوع إلى شغل من الأشغال لضرورة وقته، فهو يعمل ببدنه، و هو غائب عن عمله، حاضر بقلبه مع معشوقه. حكي عن أبي الحسن الجرجاني أنه كان يعمل بالمسحاة [1] دائما و كان يقول: «أعطينا اليد و اللّسان و القلب:

فاليد للعمل، و اللسان للخلق، و القلب للحق».

و لنقتصر على هذا القدر في قسم الطاعات الظاهرة، ففيه الكفاية إن شاء اللّه.


[1] المسحاة: المجرفة.

اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست