اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 38
العباد، و مؤولة في حقه
سبحانه، كالصبور و الشكور و الرحيم و المنتقم. و إلى ما هو حقيقة في حقه سبحانه، و
إذا استعمل في حق غيره كان مجازا.
فمن أفضل الأذكار: «لا إله
إلّا اللّه الحيّ القيّوم» فإن فيه اسم اللّه الأعظم، إذ قال صلى اللّه عليه و
سلم: «اسم اللّه الأعظم في آية الكرسي و أول آل عمران» و لا يشتركان إلا في هذا، و
له سرّ يدقّ[1] عن فهمك ذكره. و القدر الذي يمكن
الرمز إليه أن قولك: «لا إله إلا اللّه» يشعر بالتوحيد، و معنى الوحدانية في الذات
و الرّبّيّة حقيقي في حق اللّه عز و جل، غير مؤوّل بل هو في حق غيره مجاز و مؤوّل.
و كذلك الحي فإن معنى الحي هو الذي يشعر بذاته و يعلم ذاته، و الميت هو الذي لا
خبر له من ذاته، و هذا أيضا حقيقي للّه تعالى، غير مؤوّل، و القيوم: يشعر بكونه
قائما بذاته، و أن كل شيء قوامه به؛ و هذا أيضا حقيقي للّه عز و جل غير مؤوّل، و
لا يوجد لغيره. و ما عداها من الأسماء الدالة على الأفعال كالرحيم و المقسط و
العدل و غيره، فهو دون ما يدل على الصفات؛ لأن مصادر الأفعال هي الصفات، و الصفات
أصل، و الأفعال تبع. و ما عداها من الصفات التي تدل على القدرة و العلم و الإرادة
و الكلام و السمع و البصر، فذلك مما يظن أن الثابت منها للّه عز و جل مفهوم من
ظواهرها. و هيهات، فإن المفهوم من ظواهرها أمور تناسب صفات الإنسان و كلامه و
قدرته و علمه و سمعه و بصره، بل لها حقائق يستحيل ثبوتها للإنسان، فيستخرج من هذه
الأسامي بنوع من التأويل. فهذا ينبهك على ما يحتمله فهمك من اختصاص هذه الكلمات
بكونها أعظم، و يقرب منه قولك: «سبحان اللّه و الحمد للّه، و لا إله إلا اللّه و
اللّه أكبر» لأن «سبحان اللّه» للتقديس، و هو حقيقي في حقه؛ فإن القدس الحقيقي لا
يتصور إلّا له تعالى. و قولك: «الحمد للّه» يشعر بإضافة النعم كلها إليه، و هو
حقيقي، إذ هو المنفرد بالأفعال كلها تفردا حقيقيا بلا تأويل، و هو- تبارك و تعالى-
المستوجب الحمد وحده، إذ لا شركة لأحد معه في فعله أصلا، كما لا شركة للقلم مع
الكاتب في استحقاق المحمدة عند حسن الحظّ.
و اعلم أن كل من سواه ممن
ترى منه نعمة، فهو تعالى مسخر له كالقلم، فهذا مثال ينبهك على تفرده باستحقاق
الحمد. و قولك: «لا إله إلا اللّه»، فقد عرفت أنه