اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 20
في قوته إلا إدراك الجليات
إن بقي. فاشتغل بجلاء قلبك و تصفيته، فذلك أوجب عليك من كل ما أنت فيه!.
المحافظة الثانية: أن
تحافظ على سنن الصلاة و أعمالها الظاهرة، و أذكارها و تسبيحاتها، حتى تأتي فيها
بجميع السنن و الآداب و الهيئات، كما جمعناها في كتاب بداية الهداية، فإن لكل واحد
منها سرّا، و له تأثير في القلب كما نبهنا عليه في تأثير الطهارة، بل أشدّ و أبلغ،
و شرح ذلك يطول. و أنت إذا أتيت بذلك انتفعت به و إن لم تعلم أسراره، كما ينتفع
شارب الدواء بشربه، و إن لم يعرف طبائع أخلاطه و وجوه مناسبته لمرضه.
و اعلم أن الصلاة صورة
صوّرها ربّ الأرباب، كما صور الحيوان مثلا؛ فروحها النية و الإخلاص و حضور القلب،
و بدنها الأعمال، و أعضاؤها الأصلية الأركان، و أعضاؤها الكمالية الأبعاض[1] فالإخلاص و النية فيها يجري مجرى
الروح، و القيام و القعود يجري مجرى البدن، و الركوع و السجود يجري مجرى الرأس و
اليد و الرجل، و إكمال الركوع و السجود و الطمأنينة و تحسين الهيئة يجري مجرى حسن
الأعضاء و حسن أشكالها و ألوانها، و الأذكار و التسبيحات المودعة فيها تجري مجرى
آلات الحس المودعة في الرأس و الأعضاء كالعينين و الأذنين و غيرهما، و معرفة معاني
الأذكار و حضور القلب عندها يجري مجرى قوة الحس المودعة في آلات الحسّ كقوة السمع
و قوة البصر و الشم و الذوق و اللمس في معادنها.
و اعلم أن تقرّبك بالصلاة،
كتقرب بعض خدم السلطان بإهداء وصيفة إلى السلطان. و اعلم أن فقد النية و الإخلاص
من الصلاة كفقد الروح من الوصيفة، و المهدي للجيفة الميتة مستهزئ بالسلطان، فيستحق
سفك الدم، و فقد الركوع و السجود يجري مجرى فقد الأعضاء، و فقد الأذكار يجري مجرى
فقد العينين من الوصيفة، و جدع الأنف و الأذنين و عدم حضور القلب في غفلته عن
معرفة معاني القرآن و الأذكار كفقد السمع و البصر مع بقاء جرم الحدقة و الأذن. و
لا يخفى عليك أن من أهدى وصيفة بهذه الصفة، كيف يكون حاله عند السلطان؟. و اعلم أن
قول الفقيه في الصلاة